المسئلتين (فأمكنا) أَي عُمُوم من، وتبعيض من فِي التَّعْلِيق (فِي الأولى لتعين عتق كل) من العبيد (بمشيئته، فَإِذا عتق كل مَعَ قطع النّظر عَن غَيره فَهُوَ) أَي كل مِنْهُم (بعض) من الْعُمُوم (وَفِي الثَّانِيَة) تعلق عتقهم (بِمَشِيئَة وَاحِد، فَلَو أعتقهم لَا تبعيض) بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ إِمْكَان الْعَمَل بِهِ، وبالعموم أَو بِمُجَرَّد إِخْرَاج وَاحِد، فَإِن الْقَلِيل فِي حكم الْعَدَم (وَهَذَا) الدَّلِيل (يتم فِي الدفعى) أَي فِيمَا إِذا تعلق مَشِيئَته بِالْكُلِّ دفْعَة فَإِنَّهُ لَا يبْقى حِينَئِذٍ للتَّبْعِيض تَوْجِيه (لَا) يتم (فِي التَّرْتِيب) بِأَن يتَعَلَّق مَشِيئَة الْمُخَاطب بعتقهم دفعات فَيصدق على كل وَاحِد أَنه شَاءَ الْمُخَاطب عتقه، وَهُوَ بعض من العبيد (وتوجيه قَوْله) أَي أبي حنيفَة رَحمَه الله كَمَا وَجهه صدر الشَّرِيعَة وَادّعى التفرد بِهِ (بِأَن الْبَعْض مُتَيَقن) على تقديري التَّبْعِيض وَالْبَيَان، وَالْحمل على الْمُتَيَقن مُتَعَيّن (لَا يقتضيها) كَون من (تبعيضية) أَي تبعيضها فالمضاف إِلَيْهِ مَحْذُوف وَيجوز أَن تكون تبعيضية تمييزا عَن نِسْبَة الْمَنْقُول: أَي لَا يقتضى تبعيضها (لِأَنَّهَا) أَي التبعيضية (للْبَعْض الْمُجَرّد) الَّذِي يكون تَمام المُرَاد، لَا فِي ضمن الْكل، نَحْو: أكلت من الرَّغِيف (وَلَيْسَ) الْبَعْض الْمُجَرّد (هُوَ الْمُتَيَقن) على التَّقْدِيرَيْنِ (بل) الْبَعْض الْمَذْكُور الَّذِي التبعيضية عبارَة عَنهُ (ضِدّه) أَي ضد الْبَعْض المتحقق فِي ضمن البيانية، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُجَرَّد بالتفسير الْمَذْكُور وَلَا يُمكن اجْتِمَاع الضدين فَكيف يتَصَوَّر وجود الْمُجَرّد على التَّقْدِيرَيْنِ وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد بِالْبَعْضِ فِي قَوْله: الْبَعْض مُتَيَقن مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْبَعْض غير سديد، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يلْزم أَن تكون من تبعيضية، والتوجيه مَبْنِيّ عَلَيْهِ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى تَوْجِيه آخر لقَوْل أبي حنيفَة بقوله (وَبِأَن وصف من بِمَشِيئَة الْمُخَاطب) فِيمَن شِئْت من عَبِيدِي إِلَى آخِره (وصف خَاص) لِأَن مَا يُوصف بِهِ خَاص لكَونه مُسْندًا إِلَى خَاص (وعمومها) أَي عُمُوم من إِنَّمَا يحصل (بِالْعَام) أَي بِالْوَصْفِ الْعَام وَلم يُوجد فَلَا عُمُوم، فَوَجَبَ الْعَمَل بِمُوجب التَّبْعِيض من غير معَارض، وَلزِمَ اسْتثِْنَاء الْوَاحِد تَحْقِيقا لِمَعْنى التَّبْعِيض. وَقَالَ الشَّارِح: أَن عُمُوم الْمَشِيئَة بإسنادها إِلَى الْعَام الَّذِي هُوَ من وَلَا يخفى فَسَاده، إِذْ قد مر أَن عُمُوم من بِالصّفةِ فَكيف يكون عُمُوم الصّفة بهَا؟ وَلَئِن سلم فَمَا معنى التَّوْجِيه حِينَئِذٍ فَافْهَم (كمن شَاءَ من عَبِيدِي إِلَى آخِره) تَمْثِيل للوصف الْعَام لعدم إِسْنَاد الْمَشِيئَة إِلَى خَاص (دفع) التَّوْجِيه الْمَذْكُور (بِأَن حَقِيقَة وصفهَا) أَي وصف من (فِيهِ) أَي فِيمَن شِئْت إِلَى آخِره (بِكَوْنِهَا) أَي من (مُتَعَلق مَشِيئَة) الْمُخَاطب (وَهُوَ) أَي مُتَعَلق مَشِيئَته: يَعْنِي كَونهَا بِحَيْثُ أضيف إِلَيْهَا الْمَشِيئَة (عَام) فَانْدفع ادِّعَاء كَون الْوَصْف خَاصّا (وَأما مَا فلغير الْعَاقِل) وَحده: نَحْو - {فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} -، (وللمختلط) بِمن يعقل وَمن لَا يعقل: نَحْو - {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض}، والمتبادر من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute