للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِاعْتِبَار منطوقه وَإِن كَانَ مستلزما لركني البيع، وهما: اشْتريت فِي الْمُتَقَدّم، وبعت فِي الْمُتَأَخر وَهَذَا (لَا يُجزئ) فِي انْعِقَاد البيع لِأَنَّهُ لَا بُد من التَّلَفُّظ بشرَاء العَبْد، وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ مُقْتَضى الْقيَاس إِلَّا أَنا تَرَكْنَاهُ لما أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (لَوْلَا أَنه) أَي انْعِقَاده (ضمني) وَكم من شَيْء يثبت ضمنا وَلَا يثبت قصدا فَلَا يصير فِي ثُبُوته بِدُونِ التَّلَفُّظ بهما، إِذْ كل مِنْهُمَا ركن يقبل السُّقُوط فِي الْجُمْلَة كَمَا فِي بيع التعاطي: أَلا ترى أَنه لم يشْتَرط فِي الضمني مَا اشْترط فِي القصدي من كَون الْمَبِيع مَقْدُور التَّسْلِيم حَتَّى يَصح هَذَا فِي الْآبِق فَيعتق عَن الْآمِر وَلم يثبت لَهُ خِيَار الرُّؤْيَة وَالْعَيْب، غير أَنه يشْتَرط فِيهِ أَهْلِيَّة الاعتاق، فَلَو لم يكن أَهلا لَهُ لَا يثبت البيع بِهِ، فَلَا يعْتق، وَلَا يسْتَشْكل كَون الْمُقْتَضى لَا عُمُوم لَهُ بِوُقُوع الثَّلَاث بطلقي نَفسك إِذا طلقت نَفسهَا ثَلَاثًا، وَقد نَوَاهَا الزَّوْج لِأَنَّهُ لَيْسَ من مَحل النزاع كَمَا أَفَادَ بقوله (وَلَيْسَ من الْمُقْتَضى) على صِيغَة الْفَاعِل (طَلِّقِي) أَو على صِيغَة الْمَفْعُول، وَالْمعْنَى وَلَيْسَ من الْمُقْتَضى مَا اقْتَضَاهُ طَلِّقِي (لِأَن الْجِنْس) وَهُوَ الطَّلَاق (مَذْكُور لُغَة) والمقتضى يلْزمه عدم الذّكر (إِذْ هُوَ) أَي طَلِّقِي مَعْنَاهُ (أوجدي طَلَاقا) كَمَا عرف فِي علم الْمعَانِي من أَن الْفِعْل الْمُتَعَدِّي قد يحذف مَفْعُوله، وَيُرَاد بِهِ هَذَا (فَصحت نِيَّة الْعُمُوم) لِأَن الْمصدر مِمَّا يصلح للْعُمُوم وَقد نَوَاه (وَنقض) هَذَا (بطالق) فَإِن اسْم الْفَاعِل يتَضَمَّن الْمصدر، فَيَنْبَغِي أَن يَصح فِيهِ نِيَّة الثَّلَاث، لَكِن الْحَنَفِيَّة لم يصححوه حَتَّى لَو نوى الثَّلَاث لم يَقع إِلَّا وَاحِدَة (وَأجِيب بِأَن الْمَذْكُور) فِي أَنْت طَالِق (طَلَاق هُوَ وصفهَا) أَي الْمُطلقَة، لَا الموصوفة بطالق (وتعدده) أَي تعدد وصفهَا بِهِ (بِتَعَدُّد فعله) أَي فعل الْمُطلق (تطليقه) وَلَا يتَكَرَّر الْأَثر إِلَّا بِتَكَرُّر الْمُؤثر فَإِن قلت فعلى هَذَا لَا يَتَّصِف بِالطَّلَاق الثَّلَاث فِي طَلِّقِي، وَإِن نَوَاهَا لعدم تعدد التَّطْلِيق المستلزم لعدم تعدد الْوَصْف قلت المُرَاد وصفهَا بِحَيْثُ يسْتَلْزم الْأَخْبَار عَن كَونهَا مَوْصُوفَة بالمتعدد من الطَّلَاق فَإِن لَهُ تَأْثِيرا فِي الْفرق كَمَا ستعرف (وثبوته) أَي التَّطْلِيق (مُقْتَضى حكم شَرْعِي هُوَ الْوُقُوع) أَي وُقُوع الطَّلَاق فِي أَنْت طَالِق، فَإِنَّهُ يقتضى سبق تطليق (تَصْدِيقًا لَهُ) أَي لمن قَالَ: أَنْت طَالِق، فَإِن إِيقَاعه هَذَا الحكم الشَّرْعِيّ إِنَّمَا وَقع على وَجه استلزام الْأَخْبَار عَن وُقُوع الطَّلَاق، ووقوعه مَوْقُوف على التَّطْلِيق توقف الْأَثر على الْمُؤثر، فَصدقهُ فِي هَذَا الاخبار يتَوَقَّف على سبق التَّطْلِيق، بِخِلَاف طَلِّقِي فَإِنَّهُ انشاء مَحْض لَا يسْتَلْزم إِخْبَارًا مقتضيا لسبق تطليق، وَإِذا عرفت أَن ثُبُوت التَّطْلِيق فِي أَنْت طَالِق على سَبِيل الِاقْتِضَاء (فَلَا يقبل الْعُمُوم) وَفِيه أَنه لَو سلم أَن الْمُقْتَضى لَا عُمُوم لَهُ، لَكِن عدم قبُوله للْعُمُوم بانضمام مَا يَقْتَضِيهِ من النِّيَّة غير مُسلم (وَيدْفَع) هَذَا الْفرق (بِأَنَّهُ) أَي أَنْت طَالِق (إنْشَاء شرعا) وَإِن كَانَ إِخْبَارًا لُغَة (يَقع بِهِ) الطَّلَاق

<<  <  ج: ص:  >  >>