أَي الْعُمُوم لَهُم (من خَارج) عَن مَفْهُوم اللَّفْظ المحكى كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بعد السَّلَام رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد، وَإِذا التقى الختانان وَجب الْغسْل رَوَاهُ مُسلم وَغَيره أَيْضا عُمُوم السُّجُود لعُمُوم علته: وَهُوَ السَّهْو حَيْثُ رتب عَلَيْهِ بَقَاء التعقب: وَهُوَ دَلِيل الْعلية (وَأما حِكَايَة قَول لَهُ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يدْرِي عُمُومه بِلَفْظ عَام) مُتَعَلق بحكاية يَعْنِي أَن فِي الْحِكَايَة مَا يدل على الْعُمُوم، والمحكى لَا يدْرِي هَل فِيهِ مَا يدل على الْعُمُوم أَولا (كقضى بِالشُّفْعَة للْجَار، وَنهى عَن بيع الْغرَر) فَإِن الْجَار محلى بلام الِاسْتِغْرَاق، وَكَذَا إِضَافَة البيع استغراق، وَلَا يدْرِي حَال مَا أخبر عَنهُ بِاعْتِبَار الْعُمُوم وَعَدَمه (وَهِي) أَي هَذِه المسئلة (مَسْأَلَة أُخْرَى) ذكرت للمناسبة (فَيجب الْحمل) أَي حمل المحكى عَنهُ (على الْعُمُوم) فَالشُّفْعَة لكل جَار، وَالنَّهْي عَن كل بيع فِيهِ غرر كَبيع الْآبِق والمعدوم (خلافًا لكثير) من أهل الْعلم، وَإِنَّمَا يجب الْحمل على الْعُمُوم (لِأَنَّهُ) أَي الصَّحَابِيّ (عدل عَارِف باللغة وَالْمعْنَى) فبعرفان عِبَارَته فَيُفِيد الْعُمُوم، فلولا أَن حقق الْعُمُوم فِي المسئلة لمنعته الْعَدَالَة عَن التَّعْبِير بِمَا يُفِيد الْعُمُوم الَّذِي يَنْبَنِي عمل الْأمة عَلَيْهِ (فَالظَّاهِر) من حَالَة (الْمُطَابقَة) أَي مُطَابقَة مَا يُسْتَفَاد من كَلَامه مَا هُوَ الثَّابِت فِي نفس الْأَمر (وَقَوْلهمْ) أَي الْكثير (يحْتَمل غررا وجارا خاصين كجار شريك فاجتهد) الحاكي (فِي الْعُمُوم) فِي مأخذه فَانْتهى اجْتِهَاده إِلَيْهِ (فحكاه) أَي الْعُمُوم بِحَسب مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده (أَو أَخطَأ فِيمَا سَمعه) بِأَن توهم أَن مسموعه بِصفة الْعُمُوم، وَلم يكن فِي الْوَاقِع كَذَلِك (احْتِمَال) خلاف الظَّاهِر (لَا يقْدَح) فِي الِاحْتِجَاج بِهِ على الْعُمُوم، لِأَن الظَّاهِر كَاف فِي الظَّن وَالظَّاهِر من علمه وعدالته الْمُطَابقَة (وجعلهما) أَي قضى بِالشُّفْعَة، وَنهى عَن بيع الْغرَر (من حِكَايَة فعل) لَا من حِكَايَة قَول على مَا ذكر بِلَفْظ (ظَاهر فِي الْعُمُوم) فعلى الأول المحكى قَول والحاكي عَام نصا، وعَلى هَذَا فعل والحاكي عَام ظَاهر (مُنْتَفٍ) أَي مُنْتَفٍ مصداق الْجعل الْمَذْكُور (لِأَن الْقَضَاء وَالنَّهْي) اللَّذين قَول الحاكي قضي وَنهى أَخْبَار عَنْهُمَا لَيْسَ بِفعل لَا يكون مَعَه عُمُوم، بل هُوَ (قَول يكون مَعَه عُمُوم وخصوص) يَعْنِي يصلح للْعُمُوم وَالْخُصُوص كَسَائِر الْأَقْوَال وَيحمل على الْعُمُوم لتطابقه الْحِكَايَة الصادرة عَن الْعدْل الْعَارِف باللغة فَإِن قلت سلمنَا أَن الْقَضَاء قَول لكَونه عبارَة عَن حكمت عَلَيْك وَنَحْوه، وَكَذَا النَّهْي كَقَوْلِه: لَا تبع كَذَا لَكِن لَا يحْتَمل مثل هَذَا القَوْل الْعُمُوم كالفعل لشخصيته قلت مثل هَذَا لَا يصلح لِأَن يخبر عَنهُ بِمَا يُفِيد الْعُمُوم، بل لَا بُد أَن يكون منشأ الْأَخْبَار قولا دَالا على الْعُمُوم أَو قَضَاء ونهيا مكررا يحصل بِهِ الْعَمَل بِالْعُمُومِ وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute