للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَحْر لكل أحد، مصيرا مِنْهُ إِلَى ترك الاستفصال فِي حِكَايَة الْحَال مَعَ قيام الِاحْتِمَال ينزل منزلَة الْعُمُوم، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَقد يعم) الْجَواب فِي الْخُصُوص (عِنْد الشَّافِعِي) رَحمَه الله (لترك الاستفصال) يَعْنِي أَن الرَّاوِي لما ترك التَّفْصِيل وَلم يُقيد الْجَواب بِبَعْض الْأَحْوَال مَعَ احْتِمَال كَونه مُقَيّدا بِهِ، وَحكى الْوَاقِعَة من غير تَفْصِيل علم أَنه فهم الْعُمُوم من الشَّارِع وَإِلَّا لَكَانَ يجب عَلَيْهِ التَّفْصِيل، وَقيل إِنَّمَا ذكر الشَّافِعِي رَحمَه الله ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَ الْجَواب مُسْتقِلّا (وَالظَّاهِر الأول) وَهُوَ كَون غير المستقل تَابعا للسؤال فِي الْخُصُوص (وَلَا معنى للُزُوم الْعُمُوم) فِي الْجَواب (لتَركه) أَي الاستفصال إِن قَالَ بِهِ قَائِل (إِلَّا) الْعُمُوم (فِي الْأَحْوَال والأوقات وَالْمرَاد عُمُوم الْمُكَلّفين) أَي لَكِن النزاع فِي أَن المُرَاد عُمُوم الْجَواب للمكلفين، أَو خصوصه ببعضهم (وَالْقطع أَنه) أَي الْعُمُوم للمكلفين (إِن ثَبت فِي نَحْو) نعم جَوَابا لقَوْل الْقَائِل (أَيحلُّ لي كَذَا، فبقياس) أَي فثبوته بِقِيَاس نعم عَلَيْهِ لاشتراكهم فِي الْعلَّة (أَو بِنَحْوِ حكمي على الْوَاحِد) حكمي على الْجَمَاعَة (لَا من نعم) فَقَط (وَأما) الْجَواب (المستقل الْعَام) الْوَارِد (على سَبَب خَاص، فللعموم) عِنْد الْأَكْثَر، وَالْمرَاد بالمستقل: الوافي بِالْمَقْصُودِ مَعَ قطع النّظر عَن السَّبَب سَوَاء كَانَ سؤالا كَمَا روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ، وَقيل يَا رَسُول الله: أَنَتَوَضَّأُ من بِئْر بضَاعَة، وَهِي بِئْر يلقى فِيهَا الْحيض، وَالنَّتن وَلحم الْكلاب؟ فَقَالَ: إِن المَاء طهُور لَا يُنجسهُ شَيْء، أَو حَادِثَة كَمَا لَو شَاهد من رمى شَاة ميتَة، فَقَالَ: " أَيّمَا أهاب دبغ فقد طهر ": (خلافًا للشَّافِعِيّ) على مَا نَقله الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا، وَقَالَ الأسنوي رَحمَه الله: نَص الإِمَام فِي الْأُم على أَن السَّبَب لَا يضيع شَيْئا إِنَّمَا بِصِيغَة الْأَلْفَاظ (لنا أَن التَّمَسُّك) فِي إِثْبَات الْعُمُوم وَالْخُصُوص إِنَّمَا يكون (بِاللَّفْظِ وَهُوَ) لفظ الْأَجْوِبَة الْمُتَنَازع فِيهَا (عَام) وَلَا مَانع من حملهَا على مقتضيها (وخصوص السَّبَب لَا يَقْتَضِي إِخْرَاج غَيره) أَي غير السَّبَب من دَائِرَة تنَاول اللَّفْظ (وَتمسك الصَّحَابَة) عطف على أَن التَّمَسُّك إِلَى آخِره (وَمن بعدهمْ) من الْمُجْتَهدين (فِي جَمِيع الْأَعْصَار بهَا) أَي بالأجوبة التَّامَّة الْوَارِدَة على سَبَب خَاص (كآية السّرقَة وَهِي) وَارِدَة (فِي) سَرقَة (رِدَاء صَفْوَان) بن أُميَّة (أَو) فِي سَرقَة (الْمِجَن) على اخْتِلَاف الرِّوَايَة، وَذكر بعض الْحفاظ أَنَّهَا نزلت فِي ابْن أُبَيْرِق سَارِق الدرْع، وَقطع سَارِق رِدَاء صَفْوَان بعد فتح مَكَّة، وَصَفوَان أسلم بعد الْفَتْح (وَآيَة الظِّهَار فِي سَلمَة بن صَخْر البياضي) وَتعقب بِأَنَّهَا نزلت فِي أَوْس ابْن الصَّامِت وَزَوجته (وَآيَة اللّعان فِي هِلَال بن أُميَّة، أَو عُوَيْمِر) وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا، وَلَا شكّ فِي عُمُوم هَذِه الْأَحْكَام مَعَ خُصُوص أَسبَابهَا (قَالُوا) أَي المانعون لعمومها (لَو كَانَ) الْجَواب عَاما للسبب وَغَيره (لجَاز تَخْصِيص السَّبَب بِالِاجْتِهَادِ) من عُمُوم الْجَواب

<<  <  ج: ص:  >  >>