مَا أخرجه الْعقل، فَإِن التَّخْصِيص فرع الْعُمُوم، والعموم دلَالَة اللَّفْظ على الِاسْتِغْرَاق، لَا فرع صِحَة إِرَادَة الِاسْتِغْرَاق (وَهِي) أَي الدّلَالَة الْمَذْكُورَة (ثَابِتَة بعد الْإِخْرَاج) فضلا عَمَّا قبله فَإِن الدّلَالَة على مَا وضع لَهُ اللَّفْظ من لَوَازِم الْوَضع، والإخراج لَا ينفى الْوَضع (و) فِي الثَّانِي اللَّازِم (تَأَخّر بَيَانه) أَي بَيَان الْعقل (لَا ذَاته) أَي لَا تَأَخّر الْعقل نَفسه، وَبَيَانه مُتَأَخّر عَن الْعَام (و) فِي الثَّالِث عدم لُزُوم صِحَة النّسخ من صِحَة التَّخْصِيص (لعجز الْعقل عَن دَرك الْمدَّة الْمقدرَة للْحكم) فالعقل يصلح مُخَصّصا لعدم عَجزه عَن معرفَة عدم صَلَاحِية مَا يُخرجهُ الحكم الْمَنْسُوب إِلَى الْعَام، وَلَا يصلح نَاسِخا لعَجزه عَمَّا ذكره والنسخ لَا يتَحَقَّق بِدُونِهِ، وَبِالْجُمْلَةِ لَا تلازم بَين الصلاحيتين، وَمَا ذكره سَنَد لمنع الْمُلَازمَة (وَأجِيب عَن الأول أَيْضا بِأَن التَّخْصِيص للمفرد، وَهُوَ كل شَيْء) مثلا فِي قَوْله تَعَالَى - {خَالق كل شَيْء} -، (وَيصِح إِرَادَة الْجَمِيع) أَي جَمِيع مَا يُطلق عَلَيْهِ لفظ شَيْء (بِهِ) أَي بِكُل شَيْء، وَلَا مَحْذُور إِذا قطع النّظر عَن نِسْبَة الْخلق إِلَيْهِ (إِلَّا أَنه إِذا وَقع) كل شَيْء (فِي التَّرْكِيب، وَنسب إِلَيْهِ مَا يمْتَنع) نسبته (إِلَى الْكل) أَي إِلَى كل أَفْرَاده (منعهَا) أَي منع الْعقل إِرَادَته (وَهُوَ معنى تَخْصِيص الْعقل، وَدفع) الأول (أَيْضا) كَمَا فِي الشَّرْح العضدي (بِأَن التَّحْقِيق صِحَّتهَا) أَي إِرَادَة الْكل (فِي التَّرْكِيب أَيْضا لُغَة غير أَنه يكذب) أَي يصير التَّرْكِيب كَاذِبًا حِينَئِذٍ لعدم مطابقته الْوَاقِع (وَهُوَ) أَي وَكذبه (غَيرهَا) أَي غير صِحَة الْإِرَادَة لُغَة (وَلَا يخفى أَن المُرَاد) من تَخْصِيص الْعقل (حكم الْعقل بِإِرَادَة الْبَعْض لامتناعه) أَي الحكم (فِي الْكل فِي نفس الْأَمر مِمَّن يمْتَنع عَلَيْهِ الْكَذِب) فَلم يَصح إِرَادَة الْكل فِي التَّرْكِيب لُغَة أَيْضا لِامْتِنَاع الحكم، لِأَن أصل اللُّغَة أَيْضا من حَيْثُ أَنه عَاقل مُمْتَنع أَن يقْصد مَا يحيله الْعقل، وَلقَائِل أَن يَقُول مَقْصُود الْمُحَقق صِحَّتهَا فِي التَّرْكِيب لُغَة فِي الْجُمْلَة بِالنّظرِ إِلَى نفس الْكَلَام من غير مُلَاحظَة حَال الْمُتَكَلّم وَغَيره فِيمَا إِذا لم يكن اسْتِحَالَة النِّسْبَة إِلَى الْكل بديهيا كَمَا إِذا قيل كل مفهومين يَجْتَمِعَانِ حَتَّى النقيضين، ويكفيه هَذَا الْمِقْدَار، لِأَن الْمُسْتَدلّ يدعى السَّلب الْكُلِّي، فالإيجاب الجزئي يصلح سندا لمنع بطلَان الثَّانِي، وَهُوَ انْتِفَاء صِحَة إِرَادَة مَا قضى الْعقل بِإِخْرَاجِهِ مُطلقًا فَتدبر. (قَالُوا) أَي المانعون من التَّخْصِيص بِالْعقلِ (تَعَارضا) أَي الْعَام، وَالْعقل (فتساقطا) احْتِرَازًا عَن التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح (أَو يقدم الْعَام، لِأَن أَدِلَّة الْأَحْكَام النَّقْل لَا الْعقل قُلْنَا فِي إِبْطَاله) أَي الْعقل (إِبْطَاله) أَي النَّقْل (لِأَن دلَالَته) أَي النَّقْل (فرع حكمه) أَي الْعقل (بهَا) أَي بدلالته (فَإِذا حكم) الْعقل (بِأَنَّهَا) أَي دلَالَته (على وَجه كَذَا) كالخصوص هُنَا (لزم) حكمه وَهُوَ الْمَطْلُوب (وَأَيْضًا يجب تَأْوِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute