للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَجْمُوع التَّرْكِيب، وَنفي وَإِثْبَات بِاعْتِبَار الْأَجْزَاء) يَعْنِي إِذا فصلنا أَجزَاء الْكَلَام وجدنَا نفيا وإثباتا، وَإِذا نَظرنَا إِلَى محصله ومآله وجدنَا تكلما بِالْبَاقِي فَإِن قلت الْمَفْهُوم من أَنه تكلم بِالْبَاقِي إِلَى آخِره الِاقْتِصَار على حكم الصَّدْر وَتَعْيِين مَحَله، وَهُوَ الْبَاقِي بعد إِخْرَاج مَا بعد إِلَّا من غير تعرض لحكم مَا بعْدهَا فَكيف لَا يُنَافِيهِ قلت الظَّاهِر من الْعبارَة مَا ذكرت لَكِن التَّوْفِيق بَين النقلين يقتضى صرفه عَن الظَّاهِر، وَحمله على عدم دُخُول الثَّلَاثَة مثلا فِي الحكم الْمُثبت على عشرَة فالقائل لَهُ عَليّ عشرَة كَأَنَّهُ لم يتَكَلَّم إِلَّا بسبعة، وَذَلِكَ قَوْله إِلَّا ثَلَاثَة، وَلَيْسَ المُرَاد أَنه لم يتَكَلَّم إِلَّا بهَا حَقِيقَة حَتَّى يلْزم انْتِفَاء الحكم فِيمَا بعد إِلَّا كَمَا سيشير إِلَيْهِ (وَنَحْو لَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور يُفِيد ثُبُوتهَا) أَي صِحَة الصَّلَاة (مَعَ الظُّهُور فِي الْجُمْلَة) جَوَاب عَمَّا قيل فِي إِثْبَات كَون مَا بعد إِلَّا فِي حكم الْمَسْكُوت عَنهُ، وَأَنه لَو لم يكن كَذَلِك يلْزم صِحَة الصَّلَاة بالطهور وَلَيْسَ كَذَلِك لاشتراطها بِشُرُوط أخر وَحَاصِل الْجَواب أَن اللَّازِم من اعْتِبَار الحكم فِيمَا بعد إِلَّا هَهُنَا الْإِيجَاب الجزئي لَا الْإِيجَاب الْكُلِّي، وَلَا شكّ أَن الصَّلَاة الجامعة لبَقيَّة الشُّرُوط تصح بِطهُور فَصحت الْمُوجبَة فِي الْجُمْلَة (وغايته) أَي غَايَة مَا يلْزم من كَلَام من قَالَ أَن الِاسْتِثْنَاء تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا أَن الِاسْتِثْنَاء بِاعْتِبَار صدر الْكَلَام (تكلم بعام مَخْصُوص) بِمَا عدا الْمُسْتَثْنى إِذا كَانَ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ عَاما، وَهَذَا لَا يُنَافِي التَّكَلُّم بِمَا خرج عَنهُ من أَفْرَاده ثَانِيًا مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِحكم مُخَالف للْأولِ، هَذَا وَالشَّارِح حمله على الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور فِي لَا صَلَاة إِلَى آخِره وتكلف فِي تَحْصِيل عُمُومه بِكَوْنِهِ نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي، وَأَن هَذَا الْمُقْتَضى للْعُمُوم مُنْتَفٍ فِي الْإِثْبَات، وَلم يتَعَرَّض لبَيَان الْخُصُوص، ثمَّ أَفَادَ أَن الْمَعْنى لَا جَوَاز للصَّلَاة فِي حَال من الْأَحْوَال إِلَّا فِي حَال من الاقتران بالطهور، فَإِن لَهَا فِي هَذِه الْحَال جَوَازًا فِي الْجُمْلَة على مَا عرفت (غير أَن قَول الطَّائِفَة الثَّانِيَة) الحكم (الثَّانِي) وَهُوَ الَّذِي بعد الْإِشَارَة، فَقَوْل الثَّانِي (إِشَارَة) خبر أَن (وَهُوَ) أَي الحكم الإشاري (مَنْطُوق) فِي الْكَلَام (غير مَقْصُود بِالسوقِ على مَا مر) فِي التَّقْسِيم الأول (وَقَول الْهِدَايَة) وَهُوَ (فِيمَا أَنْت إِلَّا حر يعْتق لِأَن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات على وَجه التَّأْكِيد كَمَا فِي كلمة الشَّهَادَة ظَاهر فِي الْعبارَة) فِي شرح الْهِدَايَة: هَذَا هُوَ الْحق الْمَفْهُوم من تركيب الِاسْتِثْنَاء لُغَة، ثمَّ قَالَ: وَأما كَونه إِثْبَاتًا مؤكدا فلوروده بعد النَّفْي بِخِلَاف الْإِثْبَات الْمُجَرّد انْتهى، كَأَنَّهُ يُرِيد أَن الْإِثْبَات بعد النَّفْي يسْتَلْزم تكْرَار الأَصْل النِّسْبَة أَو يُنبئ عَن زِيَادَة تَحْقِيق فِي الْمحل، وَأما كَونه ظَاهرا فِي الْعبارَة، فَلِأَن الْمَعْنى الَّذِي لم يكن سوق الْكَلَام لَهُ لَا يُؤَكد وَالله أعلم (وَالْأَوْجه أَنه مَنْطُوق إِشَارَة تَارَة وَعبارَة) تَارَة (أُخْرَى بِأَن يقْصد) بِالسوقِ كَمَا هُوَ حَال سَائِر المنطوقات وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه مَنْطُوق (لما ذكرنَا) مِمَّا يدل على منطوقيته (وَلِأَن النَّفْي عَمَّا بعد إِلَّا يفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>