للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذِي أغراه مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب الْمَغَازِي وَأَنه لما أَجَابَهُ الإِمَام بذلك قَالَ: نعم مَا قلت وَغَضب على ابْن إِسْحَاق وَأخرجه من عِنْده (قَالُوا) أَي المجيزون للانفصال (ألحق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شَاءَ الله تَعَالَى بقوله لأغزون قُريْشًا بعد سنة قُلْنَا بِتَقْدِير اسْتِئْنَاف لأغزون) ثَانِيًا جمعا بَين هَذَا وَبَين أدلتنا (وَحمله) أَي الْفَصْل (على السُّكُوت الْعَارِض مَعَ نقل هَذِه الْمدَّة مُمْتَنع) كَمَا حمله على هَذَا الْمحمل ابْن الْحَاجِب بِنَاء على الِاحْتِجَاج بِهِ بِلَفْظ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لأغزون قُريْشًا " ثمَّ سكت ثمَّ قَالَ " إِن شَاءَ الله " حَدِيث غَرِيب اخْتلف فِي وَصله وإرساله، هَذَا وَإِنَّمَا يتم الِاسْتِدْلَال بِهِ إِذا لم يغزهم كَمَا فِي رِوَايَة لأبي دَاوُد ثمَّ لم يغزهم (قَالُوا) أَيْضا (سَأَلَهُ الْيَهُود عَن مُدَّة أهل الْكَهْف، فَقَالَ غَدا أُجِيبكُم بتأخر الْوَحْي بضعَة عشر يَوْمًا، ثمَّ أنزل - {وَلَا تقولن لشَيْء} - الْآيَة فَقَالَهَا) أَي كلمة إِن شَاءَ الله وَلم يكن هُنَاكَ مَا يرتبط بِهِ هَذَا الِاسْتِثْنَاء إِلَّا قَوْله: غَدا أُجِيبكُم وَلَوْلَا صِحَة الِانْفِصَال لما قَالَهَا (قُلْنَا) يجوز أَن يلْحق بمستأنف نَحْو: أُجِيبكُم (كَالْأولِ جمعا) بَين الْأَدِلَّة (وَيجوز فِيهِ) أَي فِي هَذَا (أمتثل إِن شَاءَ الله تَعَالَى) أَي أعلق كلما أَقُول إِنِّي فَاعل بِمَشِيئَة الله تَعَالَى (وَكَون ابْن عَبَّاس عَرَبيا) فصيحا، وَقد قَالَ بِهِ فَيمْتَنع (معَارض بعلي وَغَيره من الصَّحَابَة) الفصحاء حَيْثُ لم يَقُولُوا بِهِ: وَإِلَّا ثقل عَنْهُم كَمَا عَنهُ (أَو مُرَاده) أَي ابْن عَبَّاس بِجَوَاز الِانْفِصَال فِي الِاسْتِثْنَاء جَوَاز انْفِصَال الِاسْتِثْنَاء (الْمَأْمُور بِهِ) يَعْنِي التَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى الْمَدْلُول لِلْآيَةِ بِأَن يَقُول أَولا أفعل، ثمَّ يَقُول بعد حِين إِن شَاءَ الله ليَكُون إِثْبَاتًا بِالسنةِ، لَا أَن يكون هَذَا القَوْل رَافعا للإثم وَمُسْقِطًا لِلْكَفَّارَةِ إِذا قَالَ وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلم يَفْعَله، ثمَّ قَالَ بعد حِين إِن شَاءَ الله تَعَالَى، والمحقق التَّفْتَازَانِيّ لَهُ فِي هَذَا الْجَواب تَفْصِيل: ذكره فِي حَاشِيَته على الْمُخْتَصر (وَقيل لم يقلهُ) أَي جَوَاز الْفَصْل (ابْن عَبَّاس) وَيُؤَيِّدهُ مَا روى عَنهُ من أَنه مَخْصُوص برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقَوْله تَعَالَى - {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} - أَي إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء إِن ذكرت، وَلَيْسَ لغيره الِاسْتِثْنَاء إِلَّا مَوْصُولا بِيَمِينِهِ (وحكاية) مَا جرى بَين أبي حنيفَة رَحمَه الله و (الْمَنْصُور تبعدهما) أَي كَون المُرَاد الِاسْتِثْنَاء الْمَأْمُور بِهِ وَعدم القَوْل وَهُوَ ظَاهر (وَاعْلَم أَن الْتِزَام الْجَواب عَن فَصله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بِمَا ذكر (بِنَاء) أَي مبْنى (على أَن الْمَعْنى) أَي معنى إِن شَاءَ الله تَعَالَى (إِلَّا أَن يَشَاء الله خِلَافه) قَالَ الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ: الِاسْتِثْنَاء من النَّهْي: أَي وَلَا تقولن لشَيْء تعزم عَلَيْهِ إِنِّي فَاعله فيام يسْتَقْبل إِلَّا أَن يَشَاء الله: أَي متلبسا بمشيئته، فَالْمَعْنى قَائِلا إِن شَاءَ الله انْتهى فَالْمَعْنى لَا تقل ذَلِك فِي حَال من الْأَحْوَال إِلَّا فِي حَال كونك قَائِلا إِن شَاءَ الله، وَلَا شكّ أَن مَنْطُوق إِن شَاءَ الله لَيْسَ إِلَّا أَن يَشَاء خِلَافه فَلَا يكون بِمَعْنَاهُ إِلَّا بطرِيق اللُّزُوم، فَإِنَّهُ إِذا علق فعله بِالْمَشِيئَةِ الْمُتَعَلّقَة بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>