شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ}) فَإِنَّهُمَا اخْتلفَا نوعا إنْشَاء، وخبرا واشتركا فِي الْغَرَض، وَهُوَ الإهانة والانتقام. وَقَول أبي الْحُسَيْن مُبْتَدأ خَبره (لَا يزِيد عَلَيْهِ) أَي على قَول الشَّافِعِي (إِلَّا بتفصيل الْقَرِينَة) لموافقته إِيَّاه فِي كَونه ظَاهرا فِي الرُّجُوع إِلَى الْكل مُحْتَاجا فِي الصّرْف إِلَى الْأَخير إِلَى الْقَرِينَة غير أَنه فصل الْقَرِينَة الدَّالَّة على تعْيين الْأَخير بِظُهُور الإضراب وَقسم مَا بِهِ يظْهر (إِلَى اخْتِلَافهمَا) أَي الْكَلَامَيْنِ (نوعا بالإنشائية، والخبرية، وَالْأَمر، وَالنَّهْي، ويقتضى) قَول أبي الْحُسَيْن (فِي أكْرم بني تَمِيم، وَبَنُو تَمِيم مكرمون إِلَّا زيدا أَن إكرامه) أَي زيد (مَطْلُوب غير وَاقع) لوُجُود الِاخْتِلَاف نوعا (أَو) عدم رُجُوع الِاسْتِثْنَاء إِلَى الْجُمْلَة الطلبية أَو اخْتِلَافهمَا (اسْما بِوُجُود الِاسْم الصَّالح لتَعَلُّقه) أَي الِاسْتِثْنَاء (فِي) الْجُمْلَة (الثَّانِيَة غير) الِاسْم (الأول) فِي الْجُمْلَة الأولى (أَو) اخْتِلَافهمَا (حكما) وَقد مر تَفْسِيره، وَإِنَّمَا لم يزدْ قَول أبي الْحُسَيْن على قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله (إِذْ حَاصله) أَي قَول أبي الْحُسَيْن (تعلقه) أَي الِاسْتِثْنَاء (بِالْكُلِّ إِلَّا بقاصر) على الْأَخِيرَة (غير أَنه) أَي أَبَا الْحُسَيْن (جعل ذَلِك) الِاخْتِلَاف بَينهمَا (قاصرا) للاستثناء على الْأَخِيرَة (فَإِن لم يُوَافق) أَبُو الْحُسَيْن على صِيغَة الْمَجْهُول (عَلَيْهِ) أَي على جعل ذَلِك قاصرا بِأَن لم يَجعله الشَّافِعِي رَحمَه الله قاصرا (فَالْخِلَاف فِي شَيْء آخر) وَهُوَ خُصُوص هَذَا الْقَاصِر بعد الِاتِّفَاق على أَنه إِن لم يكن قاصرا على الْأَخِيرَة، فَهُوَ رَاجع إِلَى الْكل (وَالْحَنَفِيَّة، وَالْغَزالِيّ، والباقلاني، والمرتضى) على أَن الِاسْتِثْنَاء يتَعَلَّق (بالأخيرة إِلَّا بِدَلِيل فِيمَا قبلهَا، قيل) كَمَا فِي الشَّرْح العضدي (فالحنفية لظُهُور الِاقْتِصَار) على الْأَخِيرَة كَمَا سَيَأْتِي (وَالْآخرُونَ لعدم ظُهُور الشُّمُول) للْكُلّ (أما للاشتراك) اشتراكا لفظيا (بَين إِخْرَاجه) أَي الِاسْتِثْنَاء (مِمَّا يَلِيهِ) وَهُوَ الْأَخير (فَقَط و) بَين إِخْرَاجه من (الْكل) فَإِنَّهُ ثَبت عوده إِلَى مَا يَلِيهِ فَقَط كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا أمرأتك} -، وَقد يتَعَيَّن عوده إِلَى مَا عدا الْأَخِيرَة، نَحْو قَوْله تَعَالَى - {فَمن شرب مِنْهُ فَلَيْسَ مني وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني إِلَّا من اغترف غرفَة بِيَدِهِ} - وَعوده إِلَى الْكل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} - إِلَى قَوْله - {إِلَّا من نَاب} -، وَالْأَصْل فِي الْإِطْلَاق الْحَقِيقَة (أَو لعدم الْعلم بِأَنَّهُ) أَي الِاسْتِثْنَاء (كَذَلِك) أَي مُشْتَرك كَمَا ذكر، أَو رَاجع إِلَى مَا يَلِيهِ، أَو الْمَعْنى رَاجع إِلَى الْكل (أَو) إِلَى (مَا يَلِيهِ) لَا غير لُغَة كَمَا هُوَ قَول الباقلاني وَالْغَزالِيّ، (فَلَزِمَ مَا يَلِيهِ) أَي فَلَزِمَ رُجُوعه إِلَى مَا يَلِيهِ على قَول الْكل وَلَا يخفى أَنه لَا يلْزم على تَقْدِير الِاشْتِرَاك، لَا على تَقْدِير عدم الْعلم تعين مَا يَلِيهِ، بل اللَّازِم التَّوَقُّف إِلَى أَن تتَحَقَّق الْقَرِينَة الْمعينَة فَإِن قلت الْقرب قرينَة مرجحة قُلْنَا سبق الأولى فِي قابلية الرُّجُوع إِلَيْهِ ليعارضه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute