وضع لفظ الْعَام اصْطِلَاحا الِاسْتِغْرَاق أم لَا (وَمن لم يَشْتَرِطه) أَي الِاسْتِغْرَاق فِيهِ (وَإِن جعل من صيغته) أَي الْعَام (الْجمع الْمُنكر لَا يصحح اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار مَا لَيْسَ بمستغرق (هُنَا) أَي فِيمَا قبل التَّخْصِيص (إِذْ لَا يقبل) غير الْمُسْتَغْرق (الْإِخْرَاج مِنْهُ) إِذْ إِخْرَاج بعض أَفْرَاد الْمَفْهُوم فرع الْعلم باندراجه تَحْتَهُ من حَيْثُ الْإِرَادَة، وَلَا علم بذلك فِيمَا لَا استغراق فِيهِ (وَلذَا لَا يسْتَثْنى مِنْهُ) كَمَا مر فِي بَحثه (وَمَا قيل إِرَادَته) أَي الْبَاقِي (لَيْسَ بِالْوَضْعِ الثَّانِي والاستعمال) فِيهِ (بل) الْبَاقِي مُرَاد (بِالْأولِ) أَي بِالْوَضْعِ الأول، فِي الشَّرْح العضدي وَأَيْضًا فَلم يرد الْبَاقِي بِوَضْع وَاسْتِعْمَال ثَان، بل بِالْوَضْعِ وَاسْتِعْمَال الأول، وَإِنَّمَا طَرَأَ عَلَيْهِ عدم إِرَادَة الْمخْرج بِخِلَاف الْمجَاز (مَمْنُوع) أَي إِرَادَة الْبَاقِي بِالْوَضْعِ الأول وَكَونه حَقِيقَة بذلك الِاعْتِبَار (بل الْحَقِيقَة) إِنَّمَا يتَحَقَّق ب (بإرادته) أَي بِالْبَاقِي (الأول) أَي بِمُوجب الْوَضع الأول (من حَيْثُ هُوَ) أَي الْبَاقِي (دَاخل فِي تَمام) الْمَعْنى (الوضعي المُرَاد) بِاللَّفْظِ (لَا) بإرادته (بِمُجَرَّد كَونه تَمام المُرَاد بالحكم) وَالْأَظْهَر لَا من حَيْثُ كَونه تَمام المُرَاد، فَكَأَنَّهُ قصد أَن مُجَرّد الْبَاقِي لَا يَكْفِي فِي الْحَقِيقَة، بل لَا بُد من الْمَجْمُوع، أما إِذا أُرِيد مُجَرّد كَونه تَمام المُرَاد حَقِيقَة (فَهُوَ) أَي فَهَذَا المُرَاد إِنَّمَا يحصل (بِالثَّانِي) أَي بِالْوَضْعِ الثَّانِي (الْحَنَابِلَة تنَاوله) أَي تنَاول الْعَام للْبَاقِي بعد التَّخْصِيص (كَمَا كَانَ) قبله (وَكَونه) أَي تنَاوله بعض التَّخْصِيص (مَعَ قرينَة الِاقْتِصَار) عَلَيْهِ (لَا يُغَيِّرهُ) أَي لَا يُغير كَيْفيَّة تنَاوله (فَهُوَ حَقِيقَة قُلْنَا الْحَقِيقَة بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعْنى) الْمَوْضُوع لَهُ بِأَن يكون مَجْمُوع الْمُسَمّى مرَادا (لَا) بِمُجَرَّد (التَّنَاوُل) لَهُ من حَيْثُ الدّلَالَة على مَا يَقْتَضِيهِ الْوَضع (لِأَنَّهُ) أَي التَّنَاوُل (لتبعيته للوضع ثَابت للمخرج) بِفَتْح الرَّاء (بعد التَّخْصِيص) فَلَا فرق فِي هَذَا التَّنَاوُل بَين الْبَاقِي والمخرج (و) كَذَلِك ثَابت (لَكِن وضعي) سَوَاء كَانَ عين الْمَوْضُوع لَهُ أَو جزءه (حَال التَّجَوُّز بِلَفْظِهِ) واستعماله فِي الْمَعْنى الْمجَازِي، لِأَن الْعَالم بِالْوَضْعِ ينْتَقل إِلَى مَا وضع لَهُ لَا محَالة وَإِن كَانَ المُرَاد غَيره بِمُوجب الْقَرِينَة الصارفة (الرَّازِيّ إِذا بَقِي) من الْعَام مِقْدَار (غير منحصر) فِي عدد (فَهُوَ) أَي ذَلِك الْبَاقِي (معنى الْعُمُوم) فِيهِ مُسَامَحَة لِأَنَّهُ كَون اللَّفْظ دَالا على أَمر غير منحصر فِي عدد فَتكون فِيهِ حَقِيقَة (نَقله الشَّافِعِيَّة عَنهُ وَالْحَنَفِيَّة بِنَقْل مذْهبه أَجْدَر) من الشَّافِعِيَّة لِأَنَّهُ مِنْهُم (وَهُوَ) أَي مذْهبه على النقلين (بِنَاء على عدم اشْتِرَاط الِاسْتِغْرَاق) فِي الْعُمُوم، فِي الشَّرْح العضدي الرَّازِيّ قَالَ معنى الْعُمُوم حَقِيقَة كَون اللَّفْظ دَالا على أَمر غير منحصر فِي عدد، فَإِذا كَانَ الْبَاقِي غير منحصر كَانَ عَاما الْجَواب منع كَون مَعْنَاهُ ذَلِك، بل مَعْنَاهُ تنَاوله للْجَمِيع وَكَانَ للْجَمِيع وَقد صَار لغيره فَكَانَ مجَازًا، وَلَا يخفى أَن هَذَا منشؤه اشْتِبَاه كَون النزاع فِي لفظ الْعَام أَو فِي الصِّيَغ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute