(وَهُوَ) أَي دَلِيل هَذَا (أَضْعَف) لشمُول اللَّفْظِيّ الْمُتَّصِل والمنفصل، وَدَلِيله لَا يُنَاسب إِلَّا الْمُتَّصِل (الإِمَام الْجمع كتعداد الْآحَاد). قَالَ أهل الْعَرَبيَّة: معنى الرِّجَال فلَان، وَفُلَان، وَفُلَان إِلَى أَن يستوعب، وَإِنَّمَا وضع الرِّجَال اختصارا (وَفِيه) أَي فِي تعدادها (إِذا بَطل إِرَادَة الْبَعْض لم يصر الْبَاقِي مجَازًا) فَكَذَا الْجمع (أُجِيب أَن الْحَاصِل) من التعداد فِي الْجمع أَمر (وَاحِد) وَهُوَ مَجْمُوع مَا يصلح لَهُ الْعَام لوضعه (للاستغراق، فَفِي بعضه) أَي فاستعماله فِي بعض ذَلِك الْحَاصِل (فَقَط) من غير أَن يُرَاد بِهِ الْبَعْض الآخر (مجَاز) بِخِلَاف الْآحَاد المتعددة فَإِنَّهُ لم يرد بِلَفْظ مِنْهَا بعض مَا وضع لَهُ، وَإِذا بطلت بعض الْحَقَائِق لم يلْزم بطلَان حَقِيقَة أُخْرَى، على أَنه قد منع كَون الْجمع كتكرار الْآحَاد من كل وَجه، وَلَيْسَ مُرَاد أهل الْعَرَبيَّة ذَلِك، بل بَيَان أهل الْحِكْمَة فِي وَضعه (وَمَا قيل) من أَنه (يُمكن) أَن يكون (اللَّفْظ) الْوَاحِد حَقِيقَة ومجازا (بحيثيتين) أَي باعتبارهما، فَلْيَكُن الْعَام الْمَخْصُوص كَذَلِك، فَيكون مجَازًا من حَيْثُ أَنه لَيْسَ مَوْضُوعه الأَصْل حَقِيقَة من حَيْثُ أَنه بَاقٍ على أصل وَضعه وَلم ينْقل نقلا كليا كَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيّ (فتانك) الحيثيتان إِنَّمَا هما (بِاعْتِبَار وضعي الْحَقِيقِيّ والمجازي) يَعْنِي أَن الحيثيتين إِنَّمَا هُوَ كَون اللَّفْظ بِحَيْثُ إِذا اسْتعْمل فِي هَذَا كَانَ حَقِيقَة لوضعه لَهُ عينا، وَهُوَ الْوَضع الْحَقِيقِيّ، وَإِن اسْتعْمل فِي ذَلِك كَانَ مجَازًا لوضعه لَهُ بالنوع، لَا أَنه فِي اسْتِعْمَال وَاحِد
يكون اللَّفْظ حَقِيقَة ومجازا كل ادَّعَاهُ الإِمَام: كَذَا ذكره الشَّارِح وَالْوَجْه أَن يعْتَبر بِالنِّسْبَةِ إِلَى معنى وَاحِد كَالشَّمْسِ إِذا وضعت بِإِزَاءِ الصُّورَة أَيْضا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ ذَات حيثيتين بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ لكَونهَا مَوْضُوعَة لَهُ بِالْوَضْعِ النوعي الْمجَازِي لكَونه لَازم مَا وضعت لَهُ أَولا، وَهُوَ الْجَزْم (وَلَا يلْزم) من اجْتِمَاع هَاتين الحيثيتين (اجْتِمَاعهمَا) أَي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي اسْتِعْمَال وَاحِد (على أَنه نقل اتِّفَاق نَفْيه) أَي الِاتِّفَاق على نفي كَون اللَّفْظ حَقِيقَة ومجازا فِي اسْتِعْمَال وَاحِد، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي صِحَة إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي مَعًا فِي اسْتِعْمَال وَاحِد، ثمَّ يكون حَقِيقَة ومجازا: (هَذَا) مَا ذكر (وَلم يسْتَدلّ) الإِمَام (على شقَّه الآخر، وَهُوَ أَنه مجَاز فِي الِاقْتِصَار) على الْبَاقِي (لظَنّه ظُهُوره) أَي ظُهُور كَونه مجَازًا فِيهِ (وَهُوَ غلط لِأَنَّهُ لَا يكون) الْعَام (مجَازًا بِاعْتِبَار الِاقْتِصَار إِلَّا لَو اسْتعْمل فِي معنى الِاقْتِصَار، وانتفاؤه) أَي اسْتِعْمَاله فِيهِ (ظَاهر، بل الِاقْتِصَار إِنَّمَا يلْزم اسْتِعْمَاله فِي الْبَاقِي بِلَا زِيَادَة، فَهُوَ) أَي الِاقْتِصَار (لَازم لوُجُوده) أَي وجود الِاسْتِعْمَال فِي الْبَاقِي (لَا مُرَاد إفادته) أَي الِاقْتِصَار (بِهِ) أَي بِالْعَام الْمَخْصُوص (وَلَو أَرَادَ بالاقتصار اسْتِعْمَاله) أَي الْعَام (فِي الْبَاقِي بِلَا زِيَادَة، فَهُوَ شقَّه الأول، وَعلمت مجازيته فِيهِ) أَي فِي الْبَاقِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute