وَفعله) أَي الْمَأْمُور بِهِ (وَهُوَ الطَّاعَة وَلَا يتَوَقَّف) الْعلم بِشَيْء من هَذِه الْأَشْيَاء (على معرفَة حَقِيقَة الْأَمر الْمَطْلُوبَة بالتعريف، فَإِن أَرَادَ) بقوله: إِذا علمنَا الْأَمر من حَيْثُ هُوَ كَلَام الْمَعْنى (الْحَاصِل من الْجِنْس) أَي القَوْل، وَهُوَ الْمَعْنى الْمُقَيد (لم يلْزمه غير الْأَوَّلين) وهما الْمُخَاطب بِهِ وَمَا يتضمنه الْكَلَام، وَفِيه أَن لُزُوم اللَّفْظ الْمُخَاطب فِي القَوْل اللَّفْظِيّ لكَونه مَوْضُوعا للإفادة، وَأما لُزُومه فِي النَّفْسِيّ فَغير ظَاهر: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال لما كَانَ بَين اللَّفْظِيّ والنفسي شدَّة ارتباط بِمَا ينْتَقل الذِّهْن فِيهِ إِلَى مَا هُوَ لَازمه على أَنه كَلَام على السَّنَد الْأَخَص (ثمَّ لم يفد) القَوْل (حَقِيقَة) لفظ (الْمَأْمُور) أَي الْمَعْنى الَّذِي وضع بإزائه، وَقصد بِهِ فِي التَّعْرِيف (من مُجَرّد فهم الْمُخَاطب) الْمَدْلُول عَلَيْهِ بالْقَوْل (وَلَا) حَقِيقَة (الْمَأْمُور بِهِ من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك) أَي الْمَأْمُور بِهِ: أَي لَا يفهم ذَاك الْمَأْمُور ملحوظا يُوصف المأمورية من فهم الْمُخَاطب، وَلَا ذَات الْمَأْمُور بِهِ بِوَصْف كَونه مَأْمُورا بِهِ (من معرفَة أَن للْكَلَام معنى تضمنه) كل ذَلِك ظَاهر (وَأما فعله) أَي وَأما إفادته لفعل مضمونه (وَكَونه) أَي كَون فعله (طَاعَة فأبعد) من كل من الْأَوَّلين (أَو) أَرَادَ الْحَاصِل من الْجِنْس (بقيوده) أَي بقيود الْجِنْس الْمَذْكُور فِي التَّعْرِيف (فعين الْحَقِيقَة) أَي فَهَذَا المُرَاد حَقِيقَة الْأَمر (وَيعود الدّور) وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن حَاصِل الدّفع منع كَون معرفَة كل مِنْهَا مَوْقُوفا على معرفَة حَقِيقَة الْأَمر لجَوَاز أَن يتَصَوَّر كل مِنْهَا على وَجه يميزه من غَيره من غير أَن يُوجد فِي ذَلِك التَّصَوُّر حَقِيقَة الْأَمر الَّتِي صَارَت مَطْلُوبَة من التَّعْرِيف: لكنه يرد عَلَيْهِ أَن سَنَده لَا يصلح للسندية (وَيبْطل طرده بأمرتك بِفعل كَذَا) فَإِنَّهُ خبر، وَلَيْسَ بِأَمْر مَعَ صدق الْحَد عَلَيْهِ، وَهَذَا بِنَاء على أَن الْمُعَرّف الصيغي لَا النَّفْسِيّ كَمَا هُوَ الظَّاهِر من اللَّفْظ الْمُوَافق لغَرَض الأصولي، فَزِيَادَة فِيهِ بِنَفسِهِ فِي التَّعْرِيف لدفع الْوَهم الْمَذْكُور على مَا ذكره الشَّارِح غير حسن (وَقيل هُوَ الْخَبَر عَن اسْتِحْقَاق الثَّوَاب، وَفِيه) أَي فِي هَذَا الْحَد (جعل المباين) للمحدود، وَهُوَ الْخَبَر (جِنْسا لَهُ) وَهُوَ بَاطِل لما بَينهمَا من التَّنَافِي: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ مَا يسْتَلْزم الْإِخْبَار عَنهُ ضمنا فَتَأمل. (و) قَالَ (الْمُعْتَزلَة) أَي جمهورهم (قَول الْقَائِل لمن دونه افْعَل) أَي مَا وضع لطلب الْفِعْل من الْفَاعِل (وَإِبْطَال طرده) أَي هَذَا التَّعْرِيف (بالتهديد وَغَيره) مِمَّا لم يرد بِهِ الطّلب من هَذِه الصِّيغَة، نَحْو - اعْمَلُوا مَا شِئْتُم، {وَإِذا حللتم فاصطادوا} -: للْإِبَاحَة لصدق الْحَد عَلَيْهِ مَعَ أَنه لَيْسَ بِأَمْر (مَدْفُوع بِظُهُور أَن المُرَاد) قَول الْقَائِل (افْعَل) حَال كَونه (مرَادا بِهِ مَا يتَبَادَر مِنْهُ) عِنْد الْإِطْلَاق، وَهُوَ الطّلب (و) إبِْطَال طرده (بالحاكي) لأمر غَيره لمن دونه (والمبلغ) لِلْأَمْرِ من دونه مَدْفُوع أَيْضا (بِأَنَّهُ) أَي قَول كل مِنْهُمَا (لَيْسَ قَول الْقَائِل) أَي الَّذِي هُوَ الحاكي والمبلغ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute