للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالشَّيْء وَالنَّهْي عَن الشَّيْء (أَو) لم يَكُونَا عينهما بل كَانَا (لازميهما لزم تعقل الضِّدّ فِي الْأَمر وَالنَّهْي و) تعقل (الْكَفّ) فِي الْأَمر وَالْأَمر فِي النَّهْي (لاستحالتهما) أَي لِاسْتِحَالَة الْأَمر وَالنَّهْي عل ذَلِك التَّقْدِير (مِمَّن لم يتعقلهما) أَي الضِّدّ والكف فِي الْأَمر والضد وَالْأَمر فِي النَّهْي (وَالْقطع بتحققهما) أَي الْأَمر وَالنَّهْي (وَعدم خطورهما) أَي الضِّدّ والكف فِي الْأَمر والضد وَالْأَمر فِي النَّهْي حَاصِل (وَاعْترض) على هَذَا الِاسْتِدْلَال (بِأَن مَا لَا يخْطر) بالبال إِنَّمَا هُوَ (الأضداد الْجُزْئِيَّة) كلهَا وتعقله أَي الضِّدّ وَلَيْسَت مرَادا للقائل بِكَوْنِهَا نهيا عَن الضِّدّ (وَالْمرَاد) بالضد فِي كَلَامه (الضِّدّ الْعَام) وَهُوَ مَا لَا يُجَامع الْمَأْمُور بِهِ الدائر فِي الأضداد الْجُزْئِيَّة كلهَا (وتعقله) أَي الضِّدّ الْعَام (لَازم) لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي (إِذْ طلب الْفِعْل مَوْقُوف على الْعلم بِعَدَمِهِ) أَي الْفِعْل (لانْتِفَاء طلب الْحَاصِل) أَي الْمَعْلُوم حُصُوله، وَفِيه أَن هَذَا يَقْتَضِي عدم الْعلم بحصوله، لَا الْعلم بِعَدَمِهِ (وَهُوَ) أَي الْعلم بِعَدَمِهِ (ملزوم الْعلم بالخاص) أَي بالضد الْخَاص (وَهُوَ) أَي الضِّدّ الْخَاص (ملزوم للعام) أَي للضد الْعَام فَلَا بُد من تعقل الضِّدّ الْعَام فِي الْأَمر بالشَّيْء، وَكَذَلِكَ لَا بُد مِنْهُ فِي النَّهْي عَن الشَّيْء لانْتِفَاء طلب التّرْك مِمَّن لم يعلم بِوُجُود الْفِعْل وَالْعلم بِوُجُودِهِ ملزوم للْعلم بالضد الْخَاص: وَهُوَ ملزوم للعام، وَلما كَانَ تَقْرِير الِاعْتِرَاض فِي جَانب النهى نَظِير تَقْرِيره فِي جَانب الْأَمر بتغيير يسير اكْتفى بِمَا فِي جَانب الْأَمر وَترك الآخر للمقايسة، وَفِيه أَن لُزُوم الضِّدّ الْخَاص فِي الأول غير بعيد، لِأَن الْعَالم بِعَدَمِ الْفِعْل عَادَة لم يشغل الْمَأْمُور بضده بِخِلَاف الْعَالم بِوُجُودِهِ: فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِك (وَلَا يخفى مَا فِي هَذَا الِاعْتِرَاض من عدم التوارد أَولا) لِأَن شَرط التوارد الَّذِي هُوَ مدَار الِاعْتِرَاض كَون مورد الْإِيجَاب وَالسَّلب للمتخاصمين بِحَيْثُ يكون قَول كل مِنْهُمَا على طرف النقيض لقَوْل الآخر، والمستدل نفي خطور الضِّدّ الْخَاص على الْإِطْلَاق، فَقَوْل الْمُعْتَرض أَولا أَن مَا لَا يخْطر بالبال: إِنَّمَا هُوَ الأضداد الْجُزْئِيَّة مُوَافقَة مَعَه فِيهَا، فَلَا تتَحَقَّق المناظرة بَينهمَا بِاعْتِبَارِهِ: نعم يُجَاب عَنهُ بِأَن مُرَاد الْمُعْتَرض من ذَلِك بَيَان غلط الْمُسْتَدلّ من حَيْثُ أَنه اشْتبهَ عَلَيْهِ مُرَاد الْقَائِل بِأَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن الضِّدّ، فَزعم أَن مُرَاده الأضداد الْجُزْئِيَّة وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الضِّدّ الْعَام، وَلَا يَصح نفي خطور الضِّدّ الْعَام لما ذكر، فَحِينَئِذٍ تَنْعَقِد المناطرة بَينهمَا ويتحقق التوارد، فمقصود المُصَنّف أَنه إِذا نَظرنَا إِلَى أول كَلَام الْمُعْتَرض لم نجد التوارد، وَإِذا نَظرنَا إِلَى آخر كَلَامه وجدنَا التَّنَاقُض فَلَا خير فِي أول كَلَامه مَعَ قطع النّظر عَن آخِره وَلَا فِي آخِره إِذا انْضَمَّ مَعَ أَوله لوُجُود التَّنَاقُض، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وتناقضه فِي نَفسه ثَانِيًا) ثمَّ بَين التَّنَاقُض بقوله (إِذْ فرضهم) أَي الْقَائِلين بِأَن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه، فَإِن الِاعْتِرَاض الْمَذْكُور من قبلهم لَا يخْطر أَن مَا فِي كَلَام النافين

<<  <  ج: ص:  >  >>