للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمقتضاه أَي لمقْتَضى الْخطاب الأول، وَهُوَ التَّحْرِيم المؤبد فنكاحهن بَاطِل وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه إِذا كَانَ بَاطِلا كَيفَ يسْقط بِهِ الْحَد وَيثبت بِهِ النّسَب أجَاب بقوله (وَعدم الْحَد وَثُبُوت النّسَب حكم الشُّبْهَة) أَي صُورَة العقد عَلَيْهِنَّ، وَعدم الْحَد قَول أبي حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وَزفر، وَثُبُوت النّسَب، وَوُجُوب الْعدة قَول الْمَشَايِخ تَفْرِيعا على هَذَا القَوْل، وَمِنْهُم من منع ثُبُوته لَا وُجُوبهَا، لِأَن أقل مَا يبتنى عَلَيْهِ كِلَاهُمَا وجود الْحل من وَجه، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمَحَارِم فَلَا إِشْكَال حِينَئِذٍ وَأما على قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالْأَئِمَّة الثَّلَاثَة فَلَا إِشْكَال أَيْضا إِذا علم بِالتَّحْرِيمِ لإيجابهم الْحَد عَلَيْهِ، وَعدم وجوب الْغرَّة، وَعدم ثُبُوت النّسَب (وَيجب مثله) أَي مثل هَذَا الْبطلَان (فِي الْعِبَادَات) سَوَاء كَانَ الْمنْهِي عَنهُ لوصف ملازم أَولا لعدم سببيتها لحكمها الَّذِي شرعت لَهُ، وَهَذَا بحث المُصَنّف، وَاخْتَارَهُ ورتب عَلَيْهِ خلافًا لَهُم فِي بعض الْفُرُوع (كَصَوْم الْعِيد) فَإِن النَّهْي عَنهُ لِمَعْنى ملازم، وَهُوَ الْإِعْرَاض عَن ضِيَافَة الله تَعَالَى، فَكَانَ بَاطِلا لما ذكر، وَالْإِجْمَاع العقد على حرمته، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لعدم الْحل وَالثَّوَاب) وَمَا انْتَفَى فِيهِ صفة الْحل إِجْمَاعًا وَلم يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الثَّوَاب، وَالَّذِي لم يشرع إِلَّا لَهُ فَهُوَ حقيق بِأَن يحكم بِبُطْلَانِهِ، ثمَّ فِيهِ على عدم حل الشُّرُوع فِيهِ عدم لُزُوم الْقَضَاء بالإفساد، فَقَالَ (فَوَجَبَ عدم الْقَضَاء بالإفساد، لِأَن وُجُوبه) أَي الْقَضَاء بالإفساد (يتبعهُ) أَي يتبع حل الشُّرُوع فِيهِ فَإِن قيل فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن لَا يَصح نَذره: إِذْ لَا يَصح نذر فِي مَعْصِيّة الله تَعَالَى كَمَا فِي صَحِيح مُسلم فَالْجَوَاب مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَصِحَّة نَذره لِأَنَّهُ) أَي نَذره (غير مُتَعَلّقه) بِفَتْح اللَّام، وَهُوَ مُبَاشرَة الصَّوْم فِي يَوْم الْعِيد: كَذَا فِي التَّلْوِيح وَالْحَاصِل أَن للصَّوْم جِهَة طَاعَة وجهة مَعْصِيّة، وانعقاد النّذر بِاعْتِبَار الْجِهَة الأولى حَتَّى قَالُوا: لَو صرح بِذكر الْمنْهِي عَنهُ، بِأَن يَقُول: لله عَليّ صَوْم يَوْم النَّحْر لم يَصح نَذره فِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة كَمَا لَو قَالَت: لله عَليّ أَن أَصوم أَيَّام حيضي، بِخِلَاف مَا لَو قَالَت غَدا، وَكَانَ الْغَد يَوْم نحر أَو حيض وَأما ضرب أَبِيه أَو شَتمه فَلَا جِهَة فِيهِ لغير الْمعْصِيَة، فَلَا يَصح النّذر بِهِ أصلا وَتَحْقِيق ذَلِك أَن النّذر إِيجَاب بالْقَوْل وبالفعل أمكن التَّمْيِيز بَين الْمنْهِي عَنهُ والمشروع، والشروع إِيجَاب بِالْفِعْلِ، وَفِي الْفِعْل لَا يُمكن التَّمْيِيز بَين الْجِهَتَيْنِ انْتهى، وَإِنَّمَا ارتكبوا ذَلِك (ليظْهر) أَثَره (فِي الْقَضَاء تحصيلا للْمصْلحَة) وَهُوَ أَن ينْعَقد النّذر واضطر إِلَى الْقَضَاء لتعذر الْأَدَاء (فَيجب) على هَذَا (أَن لَا يبرأ) النَّاذِر (بصومه) لكِنهمْ يَقُولُونَ بِخُرُوجِهِ عَن نَذره بصيامه مَعَ الْعِصْيَان، لِأَنَّهُ نذر مَا هُوَ نَاقص وَأَدَّاهُ كَمَا الْتَزمهُ، وَلما كَانَ الْقَضَاء مَبْنِيا على أَن مُوجب النّذر وجوب أَدَائِهِ قَالَ. (فَإِن لزم فِيهَا) أَي صِحَة هَذَا النّذر (وجوب الْأَدَاء) للمنذور (أَولا) بِأَن يكون الْخطاب

<<  <  ج: ص:  >  >>