(من قَوْلنَا عِنْد نفي خَواص الإنسانية) عَن زيد مقول القَوْل (مَا زيد بِإِنْسَان أَي كَاتب) إِن اسْتعْمل فِي اللَّازِم (أَو نَاطِق) إِن اسْتعْمل فِي الْجُزْء حَاصِل الِاعْتِرَاض أَنكُمْ قُلْتُمْ صِحَة النَّفْي دَلِيل الْحَقِيقَة وَلَفظ إِنْسَان فِي الْمِثَال الْمَذْكُور سَوَاء اسْتعْمل فِي كَاتب أَو نَاطِق مجَاز بِلَا شُبْهَة مَعَ أَنه (لَا يَصح النَّفْي) فِيهِ فقد وجد الدَّلِيل (وَلَا حَقِيقَة) فَتخلف الْمَدْلُول عَن الدَّلِيل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصح نفي الْإِنْسَان عَن الْكَاتِب وَلَا عَن النَّاطِق، لِأَن كل كَاتب إِنْسَان، وَكَذَا كل نَاطِق إِنْسَان، ورد عَلَيْهِ المُصَنّف بقوله: (وَالْحق الصِّحَّة) أَي صِحَة النَّفْي (فيهمَا) أَي فِي كَاتب وناطق فَيصح أَن يُقَال: الْكَاتِب لَيْسَ بِإِنْسَان، وَكَذَا النَّاطِق لَيْسَ بِإِنْسَان على أَن تكون الْقَضِيَّة طبيعية: إِذْ لَيْسَ مَفْهُوم الْإِنْسَان غير شَيْء مِنْهُمَا وَإِن كَانَ مَحْمُولا على أَفْرَاد كل مِنْهُمَا على أَن تكون الْقَضِيَّة متعارفة (قيل) على مَا فِي شرح العضدي (وَأَن يعرف لَهُ مَعْنيانِ) مَعْطُوف على مَدْخُول الْبَاء فِي قَوْله بتصريحهم: أَي وَيعرف الْمجَاز بِأَن يعرف للفظ مَعْنيانِ (حَقِيقِيّ ومجازي) بدل من مَعْنيانِ (ويتردد فِي المُرَاد) مِنْهُمَا فِي مورده فَكل من الْمَعْنيين بِخُصُوصِهِ مَعْلُوم، وَهَذَا حَقِيقِيّ، وَهَذَا مجازي، غير أَنه لَا يعرف المُرَاد بِخُصُوصِهِ، وَيعرف أَن أَحدهمَا مُرَاد (فصحة) نفي (الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ) عَن الْإِرَادَة فِي مثل هَذَا المورد (دَلِيله) أَي دَلِيل كَون اللَّفْظ مُسْتَعْملا فِي الْمَعْنى الْمجَازِي (وَلَيْسَ) هَذَا القَوْل (بِشَيْء) يعْتد بِهِ (لِأَن الحكم بِالصِّحَّةِ) أَي بِصِحَّة نفي الْحَقِيقِيّ عَن الْإِرَادَة فِي هَذَا المورد (يحِيل الصُّورَة) الْمَذْكُورَة أَي يحِيل كَونهَا مِمَّا يعرف بِهِ كَون اللَّفْظ مجَازًا (لِأَنَّهُ) أَي الحكم بِأَن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ غير مُرَاد فِيهَا (فرع عدم التَّرَدُّد) فِي المُرَاد بِخُصُوصِهِ، وَالْعلم بِأَن الْمَعْنى الْمجَازِي مُرَاد: فالعلم بمجازية اللَّفْظ على هَذَا مقدم على الحكم بِالصِّحَّةِ، فَكيف يكون الحكم بهَا دَلِيل المجازية (وَإِن أُرِيد) بِكَوْن صِحَة نفي الْحَقِيقِيّ دَلِيلا إِثْبَات الدّلَالَة (لظُهُور الْقَرِينَة) الْمقيدَة للمجازية (بِالآخِرَة) بعد التَّرَدُّد بِسَبَب التَّأَمُّل إِسْنَادًا لوصف الشَّيْء إِلَى سَببه (فقصور) أَي فَهَذَا التَّأْوِيل قُصُور عَن فهم مَا يلْزمه من الْوُقُوع فِيمَا هُوَ أوهن (إِذْ حَاصله) أَي حَاصِل هَذَا التَّأْوِيل أَنه (إِذا دلّت الْقَرِينَة على أَن اللَّفْظ مجَاز فَهُوَ مجَاز) وَلَا طائل تَحْتَهُ: إِذْ حَاصله أَنه إِذا قَامَ دَلِيل المجازية يحكم بِمُوجبِه (وَمَعْلُوم وجوب الْعلم بِالدَّلِيلِ، و) يعرف الْمجَاز (بِأَن يتَبَادَر) من اللَّفْظ إِلَى الْفَهم (غَيره) أَي غير الْمَعْنى الْمُسْتَعْمل فِيهِ (لَوْلَا الْقَرِينَة) فَلَو كَانَ حَقِيقَة لما تبادر غَيره (وَقَلبه) أَي قلب مَا ذكر وَهُوَ لَا يتَبَادَر غير الْمُسْتَعْمل فِيهِ لَوْلَا الْقَرِينَة الدَّالَّة على المُرَاد غَيره (عَلامَة الْحَقِيقَة) فَمَا ذكره مطردَة منعكسة (وإيراد الْمُشْتَرك) نفضا على عَلامَة الْحَقِيقَة (إِذْ لَا يتَبَادَر فِيهِ الْمَعْنى (الْمعِين) الْمُسْتَعْمل فِيهِ، وَعدم تبادر غير الْمُسْتَعْمل فِيهِ يدل على كَون الْمُسْتَعْمل فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute