للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ كَونه مقرا للمائع (وَأجِيب بِأَن عَدمه) أَي عدم اسْتِعْمَال هَذِه الْأَلْفَاظ فِيمَا ذكر (لُغَة عرف تقييدها) أَي الْمَذْكُورَات (بِكَوْنِهِ) أَي الْجُود (مِمَّن شَأْنه أَن يبخل و) الْعلم مِمَّن شَأْنه أَن (يجهل و) الْمقر (بالزجاجية) فَانْتفى منَاط الْإِطْلَاق فِيمَا امْتنع اسْتِعْمَالهَا فِيهِ، ثمَّ تعقب هَذَا الْجَواب بقوله (وَيَجِيء مثله) أَي مثل هَذَا الْجَواب (فِي الْكل) أَي فِي كل مَادَّة يَجْعَل فِيهَا عدم الاطراد عَلامَة للمجاز (إِذْ لَا بُد من خُصُوصِيَّة) لذَلِك الْمحل الْمُسْتَعْمل فِيهِ (فتجعل) تِلْكَ الخصوصية (جُزْءا) من المناط (و) يعرف المناط أَيْضا (بجمعه) أَي اللَّفْظ (على خلاف مَا عرف لمسماه) أَي إِذا كَانَ للاسم جمع بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ، وَقد اسْتعْمل فِي معنى آخر لَا يعلم كَونه حَقِيقَة فِيهِ غير أَنه جمعه بِاعْتِبَار ذَلِك الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ الآخر مُخَالف لجمعه بِاعْتِبَار الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَاف دَلِيلا على أَنه مجَاز فِي الْمَعْنى الآخر كالأمر فان جمعه بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ وَهُوَ الصِّيغَة الْمَخْصُوصَة أوَامِر، وَبِاعْتِبَار الْفِعْل أُمُور فَدلَّ على أَنه مجَاز فِيهِ (دفعا للاشتراك) اللَّفْظِيّ لِأَنَّهُ خير مِنْهُ (وَهَذَا) الَّذِي علل بِهِ كَون الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور عَلامَة للمجاز (فِي التَّحْقِيق يُفِيد أَن لَا أثر لاخْتِلَاف الْجمع) إِذْ الْمُؤثر إِنَّمَا هُوَ الِاحْتِرَاز عَن الِاشْتِرَاك، فَإِن الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور كَمَا يتَحَقَّق بِاعْتِبَار الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، كَذَلِك يتَحَقَّق بِاعْتِبَار الِاشْتِرَاك فَلَا اخْتِصَاص لَهُ بِأَحَدِهِمَا دون الآخر (وَلَا تنعكس) هَذِه الْعَلامَة، إِذْ لَيْسَ كل مجَاز يُخَالف جمعه جمع الْحَقِيقَة فَإِن الْأسد بِمَعْنى الشجاع، وَالْحمار بِمَعْنى البليد يجمعان على أَسد وحمر، وَهَذَا الْكَلَام يُؤَيّد مَا قبله. قَالَ الشَّارِح لَا حَاجَة إِلَى قَوْله (كَالَّتِي قبلهَا) لتصريحه بِهِ ثمَّة قلت لَعَلَّه أَشَارَ بِهِ إِلَى وَجه إيرادها متصلين (و) يعرف الْمجَاز أَيْضا (بِالْتِزَام تَقْيِيده) أَي اللَّفْظ عِنْد اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى المتردد فِيهِ بِشَيْء من لوازمه كجناح الذل، ونار الْحَرْب، وَنور الْإِيمَان، فَإِنَّهَا فِي مَعَانِيهَا الْحَقِيقَة تسْتَعْمل مُطلقَة، وَفِي هَذِه بِهَذِهِ الْقُيُود، فَهَذَا الِالْتِزَام دَلِيل التَّجَوُّز: إِذْ لَو كَانَت حَقِيقَة فِيهَا لاستعملت فِيهَا مُطلقَة كَمَا تسْتَعْمل فِي مَعَانِيهَا الْمَشْهُورَة كَمَا هُوَ أصل اللُّغَة فِي الاستعمالات الْحَقِيقِيَّة، وَهَذِه الْعَلامَة قد لَا تُوجد فِي بعض المجازات اعْتِمَادًا على الْقَرَائِن، وَإِنَّمَا اعْتبر الِالْتِزَام احْتِرَازًا عَن الْمُشْتَرك، فَإِنَّهُ رُبمَا يُقيد كرأيت عينا جَارِيَة، لَكِن من غير الْتِزَام (و) يعرف الْمجَاز أَيْضا (بتوقف إِطْلَاقه) أَي اللَّفْظ للمعنى المتردد فِيهِ الَّذِي هُوَ وصف مُتَعَلق بموصوف (على) ذَلِك (مُتَعَلقَة) صلَة للتوقف حَال كَونه فِي ذَلِك الْإِطْلَاق (مُقَابلا للْحَقِيقَة) بِأَن يسْتَعْمل قبيل هَذَا الْإِطْلَاق فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ نَحْو قَوْله تَعَالَى {ومكروا ومكر الله} فَإِن إِطْلَاق الْمَكْر على الْمَعْنى اللَّائِق بجناب الْحق سُبْحَانَهُ مقرون بِذكر مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ، وَهُوَ الذَّات الْمُقَدّس الْمُتَعَلّق

<<  <  ج: ص:  >  >>