إِطْلَاق وَاحِد (وَفِي الْكِنَايَة البيانية) إِنَّمَا يسْتَعْمل اللَّفْظ فيهمَا لَا لِأَن يكون كل مِنْهُمَا مَقْصُودا بالحكم بل (لينتقل) الذِّهْن (من) الْمَعْنى (الْحَقِيقِيّ الْوَاقِع بَينه إِلَى) الْمَعْنى (الْمجَازِي) فَقَوْلهم كثير الرماد أُرِيد بِهِ كَثْرَة الرماد ليَكُون سلما لفهم الْجُود الَّذِي هُوَ منَاط صدق الْكَلَام، فَيصدق زيد كثير الرماد إِذا كَانَ لَهُ جود وَإِن لم يكن لَهُ ذرة من الرماد، فَلَيْسَ الْمَقْصد بالحكم إِلَّا الْجُود (وَأَجَازَهُ) أَي اسْتِعْمَاله فيهمَا مقصودين بالحكم فِي إِطْلَاق وَاحِد (الشَّافِعِيَّة وَالْقَاضِي وَبَعض الْمُعْتَزلَة) كَعبد الْجَبَّار وَأبي عَليّ الجبائي (مُطلقًا إِلَّا أَن لَا يُمكن الْجمع) بَينهمَا (كالفعل أمرا وتهديدا) فَإِن الْأَمر طلب الْفِعْل والتهديد يَقْتَضِي التّرْك فَلَا يَجْتَمِعَانِ مَعًا (وَالْغَزالِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن يَصح) اسْتِعْمَاله فيهمَا (عقلا لَا لُغَة، وَهُوَ الصَّحِيح إِلَّا فِي غير الْمُفْرد) أَي مَا لَيْسَ بمثنى وَلَا مَجْمُوع اسْتثِْنَاء من قَوْله لَا لُغَة (فَيصح) الِاسْتِعْمَال فيهمَا فِي غير الْفَرد (لُغَة) أَيْضا (لتَضَمّنه) أَي غير الْمُفْرد (المتعدد) من اللَّفْظ، وَفِيه أَن تضمن الْمثنى وَالْمَجْمُوع للمتعدد من الْمَعْنى مُسلم، وَأما من حَيْثُ اللَّفْظ فَلَا: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد تعدده حكما، وَلذَا قَالُوا التَّثْنِيَة وَالْجمع اخْتِصَار الْعَطف (فَكل لفظ) من المتعددين مُسْتَعْمل (لِمَعْنى، وَقد ثَبت) فِي الْكَلَام لفصيح (الْقَلَم أحد اللسانين، وَالْخَال أحد الْأَبَوَيْنِ) فقد تعدد لفظ اللِّسَان، وَأُرِيد بِأَحَدِهِمَا الْقَلَم، وبالآخر الْجَارِحَة، وَكَذَلِكَ تعدد لفظ الْأَب، وَأُرِيد بِأَحَدِهِمَا الْخَال وبالآخر الْوَالِد: فَجمع بَين الْمجَازِي والحقيقي فيهمَا فِي اسْتِعْمَال وَاحِد (والتعميم فِي المجازية) أَي وَاسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي مَعَانِيه المجازية (قيل على الْخلاف كلا أَشْتَرِي) مُسْتَعْملا (بشرَاء الْوَكِيل والسوم) فَإِن الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ لَا يشترى مُبَاشَرَته بِنَفسِهِ لحقيقة الشِّرَاء فشراء الْوَكِيل مَعْنَاهُ الْمجَازِي، وَكَذَلِكَ السّوم على الشِّرَاء فَإِنَّهُ مُبَاشرَة لأسبابه كتعيين الثّمن وَنَحْوه (و) قَالَ (الْمُحَقِّقُونَ لَا خلاف فِي مَنعه) أَي التَّعْمِيم فِي المجازية، فَيحكم بخطأ من قَالَ لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ شِرَاء الْوَكِيل والسوم (وَلَا) خلاف أَيْضا (فِيهِ) أَي منع تعميمه فِي الْحَقِيقِيّ والمجازي (على أَنه حَقِيقَة ومجاز) على أَن يكون اللَّفْظ الَّذِي عمم فيهمَا حَقِيقَة ومجازا بِحَسب هَذَا الِاسْتِعْمَال (وَلَا) خلاف أَيْضا (فِي جَوَازه) أَي اسْتِعْمَال اللَّفْظ (فِي) معنى (مجازي ينْدَرج فِيهِ الْحَقِيقِيّ) بِأَن يعم الْحَقِيقِيّ وَغَيره (لنا فِي الأول) أَي فِي صِحَّته عقلا (صِحَة إِرَادَة مُتَعَدد بِهِ) أَي بِاللَّفْظِ (قطعا) للإمكان وَانْتِفَاء الْمَانِع (وَكَونه) أَي اللَّفْظ مَوْضُوعا (لبعضها) أَي الْمعَانِي المتعددة، وَهُوَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ دون الْبَعْض (لَا يمْنَع عقلا إِرَادَة غَيره) أَي غير ذَلِك الْبَعْض الَّذِي هُوَ لَهُ (مَعَه) أَي مَعَ الَّذِي هُوَ لَهُ (بعد صِحَة طَرِيقه) أَي غير الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ (إِذْ حَاصله) أَي حَاصِل مَا ذكر من إِرَادَة الْمَعْنيين مَعًا بطرِيق صَحِيح عقلا (نصب مَا يُوجب الِانْتِقَال من لفظ) وَاحِد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute