أَي فَينْعَقد الْحلف لما يحل الْقدر بِتَأْوِيل: وَإِلَّا فالقدر مؤنث سَمَاعي يَعْنِي مَا يطْبخ فِيهَا لتعذر أكل عينهَا عَادَة، تجوز باسم الْمحل عَن الْحَال، بِخِلَاف مَا إِذا نوى حَقِيقَتهَا أَو غَيرهَا من الْمعَانِي المجازية فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يحمل عَلَيْهَا (ولعسره) أَي الْحَقِيقِيّ مَعْطُوف على قَوْله لتعذره (كمن الشَّجَرَة) أَي كحلفه لَا يَأْكُل من الشَّجَرَة الَّتِي لَا تُؤْكَل عَادَة (فَلَمَّا تخرج) الشَّجَرَة من الثَّمر وَغَيره حَال كَونه (مَأْكُولا بِلَا كَبِير صنع) بِخِلَاف مَا يخرج مِنْهَا بصنع كَبِير كالعصر الشَّديد وَغَيره تجوزا باسم السَّبَب عَن الْمُسَبّب (وَمِنْه) أَي مِمَّا تخرجه مَأْكُولا (الْجمار) وَهُوَ شَحم النّخل والعصير (والخل لأبي الْيُسْر) الْبزورِي أَي لقَوْله وَأبي اللَّيْث. وَفِي فتح الْقَدِير وفَاقا لكثير لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ لَا يخرج كَذَلِك وَلم يذكرَا فِيهِ نقلا عَن الْمُتَقَدِّمين (لَا ناطفها) يسيل من الرطب (ونبيذها) لِأَن الْمُتَبَادر بِحَسب الْمُتَعَارف مَا يخرج مِنْهَا من غير توقف على الصنع كَمَا يُسْتَفَاد من قَوْله تَعَالَى - {ليأكلوا من ثمره وَمَا عملته أَيْديهم} - (وَلَو لم تخرج) الشَّجَرَة الْمَحْلُوف عَلَيْهَا (مَأْكُولا فلثمنها) أَي فَيحنث بِأَكْل مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ (وللهجر) أَي لكَون الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ مَهْجُورًا (عَادَة وَأَن سهل) تنَاوله (كمن الدَّقِيق) أَي كحلفه لَا يَأْكُل مِنْهُ (فلمآ لَهُ) أَي ينْعَقد لما يؤول إِلَيْهِ كالعصيدة فَيحنث بأكلها، لَا بِسَفَه لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَل هَكَذَا عَادَة خلافًا للشَّافِعِيّ (و) حلفه (لَا يشرب من الْبِئْر) وَهِي غير ملأى (فلمائه) أَي الْمَكَان الْمُسَمّى بالبئر، وَإِلَّا فَهِيَ مؤنث سَمَاعي (اغترافا اتِّفَاقًا فَلَا يَحْنَث بالكرع) أَي بتناوله بِفِيهِ من مَوْضِعه من غير أَن يشرب بكفيه أَو بِإِنَاء. وَفِي الفتاوي الظَّهِيرِيَّة تَفْسِير الكرع عِنْد أبي حنيفَة أَن يَخُوض الْإِنْسَان فِي المَاء ويتناوله بِفِيهِ من مَوْضِعه، وَلَا يكون إِلَّا بعد الْخَوْض فِي المَاء فَإِنَّهُ من الكراع وَهُوَ من الْإِنْسَان مَا دون الرّكْبَة، وَمن الدَّوَابّ مَا دون الكعب انْتهى، وَالْأول هُوَ الْمَعْرُوف، وَيَكْفِي فِي التَّسْمِيَة أَن الدَّابَّة لَا تكَاد تشرب إِلَّا بِإِدْخَال أكارعها فِيهِ: فحين شاركها الْإِنْسَان فِي هَذَا النَّوْع من الشّرْب سمي شَرّ بِهِ بالكرع (فِي الْأَصَح) وَفِي الذَّخِيرَة فِي الصَّحِيح (وَلَو) كَانَت (ملأى فعلى الْخلاف الْمَشْهُور فِي: لَا يشرب من هَذَا النَّهر) فَعنده على الكرع، وَعِنْدَهُمَا على الاغتراف أَيْضا (وأفادوا أَن مجازي الْبِئْر الاغتراف) فقولهما مَبْنِيّ على حمل الشّرْب من الْبِئْر على الْمَعْنى الْمجَازِي وَهُوَ الِاعْتِرَاف، وَقَوله على الْحَقِيقِيّ وَهُوَ الكرع. قَالَ المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة وَإِنَّمَا قُلْنَا أَن الكرع حَقِيقَة اللَّفْظ، لِأَن من هَهُنَا لابتداء الْغَايَة: فَالْمَعْنى ابْتِدَاء الشّرْب من نفس رجله، وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بِوَضْع الْفَم عَلَيْهَا نَفسهَا، فَإِذا وضع الْفَم على يَدَيْهِ وكوز وَنَحْوه، وَفِيه مَاؤُهَا لم يصدق حَقِيقَة اللَّفْظ (وَفِيه بعد) لَا لعدم العلاقة الثَّابِتَة الِاعْتِبَار كَمَا قَالَ الشَّارِح: بل لما نقل فِي شرح الْهِدَايَة عَن أبي سُهَيْل من أَن الْبِئْر إِذا كَانَ ملآن فعندهما يَمِينه على الاغتراف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute