جَوَاز (عطف الْأَخْبَار على الْإِنْشَاء) فَإِنَّهُ لَازم على تَقْدِير عطف - {أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} - على لَا تقبلُوا أَو فاجلدوا (و) بِنَاء على (مُفَارقَة) الجملتين (الْأَوليين) المذكورتين إِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول: يَعْنِي أَن المعطوفة فارقتهما وبعدت عَنْهُمَا (بِعَدَمِ مُخَاطبَة الْأَئِمَّة) أَي بِسَبَب أَنَّهَا مَا خُوطِبَ بمضمونها الْحُكَّام بخلافهما إِذا خوطبوا بمضمونهما، ثمَّ لما كَانَ فِي الْآيَة احْتِمَال آخر وَهُوَ أَن يكون الْجَزَاء الأولي مِنْهُمَا فَقَط وَيكون قَوْله - {وَلَا تقبلُوا} - ابتدائية فيعطف عَلَيْهِ قَوْله - {وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} - على التَّأْوِيل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَبشر الَّذين} - وَكَانَ ذَلِك مفوتا لرعاية الْأَنْسَب اللَّائِق بالحكمة جعل دَلِيل مَا ذهب إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّة مَا ذكر مَعَ رِعَايَة الْأَنْسَب فَقَالَ (مَعَ الأنسبية من إِيقَاع الْجَزَاء على الْفَاعِل، أَعنِي اللِّسَان) فَإِن رد الشَّهَادَة حد فِي اللِّسَان الصَّادِر مِنْهُ جريمة الْقَذْف (كَالْيَدِ فِي الْقطع) أَي كَمَا أوقع جَزَاء السّرقَة على الْفَاعِل: وَهُوَ الْيَد إِلَّا أَنه ضم إِلَيْهَا أَلا يلام الْحسي تكميلا للزجر، فَإِن من النَّاس من لَا ينزجر بِمُجَرَّد رد الشَّهَادَة (وَأما اعْتِبَار قيود) الْجُمْلَة (الأولى فِيهَا) أَي فِي الثَّانِيَة الْمَعْطُوف عَلَيْهَا (فَإلَى الْقَرَائِن) أَي فَهُوَ مفوض إِلَى قَرَائِن الْمقَام (لَا الْوَاو وَإِن) عطفت جملَة (نَاقِصَة وَهِي) الْجُمْلَة (المفتقرة فِي تَمامهَا إِلَى مَا تمت بِهِ الأولى) بِعَيْنِه (وَهُوَ) أَي الْعَطف الْمَذْكُور (عطف الْمُفْرد) وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْله وَإِن نَاقِصَة على مَا فسرنا، إِذْ نِسْبَة عطف الْمُفْرد يحصل مَضْمُون الْجُمْلَة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (انتسب) الْمُفْرد الْمَعْطُوف (إِلَى عين مَا انتسب إِلَيْهِ) الْمُفْرد (الأول) الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (بجهته) مُتَعَلق بانتسب الأول إِشَارَة إِلَى مَا اعْتبر فِي التَّابِع مُطلقًا فِي قَوْلهم: كل ثَان بأعراب سَابِقَة من جِهَة وَاحِدَة، وَضمير جِهَته رَاجع إِلَى الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، إِن كَانَت تِلْكَ الْجِهَة الفاعلية مثلا، فانتساب الْمَعْطُوف أَيْضا على الفاعلية (مَا أمكن) تَقْيِيد للانتساب إِلَى المنتسب إِلَيْهِ بِاعْتِبَار جَمِيع قيوده مهما أمكن فِيهِ اسْتثِْنَاء لبَعض الْقُيُود الَّذِي دلّ الدَّلِيل على اخْتِصَاصه بالمعطوف عَلَيْهِ (فَإِن دخلت فطالق وَطَالِق وَطَالِق تعلق) فِيهِ طَالِق الثَّانِي (بِهِ) أى بدخلت بِعَيْنِه (لَا بِمثلِهِ كقولهما) أى كَمَا قَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد من أَنه تعلق بِمثل مَا تعلق بِهِ الأول، وَلَيْسَ المُرَاد بِمثلِهِ دُخُولا آخر مغايرا بِالذَّاتِ لما تعلق بِهِ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بل مغايرا بِالِاعْتِبَارِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فيتعدد الشَّرْط) كَمَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق، ثمَّ بعد زمَان قَالَ: إِن دخلت فَأَنت طَالِق فَإِنَّهُ يَقع الْكل بِدُخُول وَاحِد اتِّفَاقًا غير أَنه لما كَانَ الْمُعَلق بِالثَّانِي غير الْمُعَلق بِالْأولِ صَار الْمُعَلق بِهِ فِي الثَّانِي مغايرا للمعلق بِهِ فِي الأول بِالِاعْتِبَارِ كَمَا قَالَه كَذَلِك (وَعلمت) فِي المسئلة الَّتِي قبل هَذِه (أَن لَا ضَرَر عَلَيْهِمَا فِي الِاتِّحَاد) أَي فِي اتِّحَاد مُتَعَلق الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ من اعْتِبَار التغاير الْمَذْكُور إِذْ مقصودهما وُقُوع الْكل دفْعَة عِنْد وجود الشَّرْط وَهُوَ حَاصِل فِيهِ لِأَنَّهُمَا يجعلان إِن دخلت طَالِق فطالق وَطَالِق بِمَنْزِلَة طَالِق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute