إِلَّا بِذكر المبشر بِهِ، فَالْمُرَاد بِالْأولِ دخلوها فِي المعلولات. وَبِالثَّانِي دُخُولهَا فِي الْعِلَل، لَا يُقَال قد دخلت فِيمَا هُوَ عِلّة فِي نفس الْأَمر، فَكيف يَنْفِي، لِأَن النَّفْي باعتبارات الْمُتَكَلّم لم يقْصد إدخالها عَلَيْهِ من حَيْثُ أَنه عِلّة، بل من حَيْثُ أَنه مَعْلُول من حَيْثُ الْإِخْبَار، لَكِن آخر الْكَلَام يمْنَع تَفْسِير الأول وَالثَّانِي بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكر على مَا سَيظْهر، ثمَّ وَجه التَّأَمُّل فِي كَلَام الشَّارِح أَن إتْيَان الْغَوْث الَّذِي هُوَ عِلّة الْبشَارَة لَا بَقَاء لَهُ بعد الْبشَارَة (وَمِنْه) أَي وَمن الأول أَيْضا (أد) إِلَيّ ألفا (فَأَنت حر) فقد دخلت الْفَاء على الْعلَّة الْمُتَأَخِّرَة فِي الْبَقَاء إِذْ الْعتْق يَمْتَد. وَوجه علية الْحُرِّيَّة للْأَدَاء أَن صِحَة الْأَدَاء مَوْقُوفَة على الْحُرِّيَّة الْحَاصِلَة عِنْد قبُول العَبْد مَا علق الْمولى عتقه عَلَيْهِ إِذْ العَبْد لَا يقدر على الْأَدَاء فِي حَال مملوكيته إِذْ مَا فِي يَده ملك للْمولى فَلَا يصلح بَدَلا عَن نَفسه (_ و) مِنْهُ أَيْضا قَول الإِمَام للحربي (انْزِلْ فَأَنت آمن) فَإِن الْأمان يَمْتَد فَأشبه المتراخي عَن النُّزُول (وَتعذر الْقلب) بِأَن يكون بِمَعْنى أَنْت حر فأد وَأَنت آمن فَانْزِل لتَكون الْفَاء دَاخِلَة على الْمَعْلُول معنى (لِأَنَّهُ) أَي الْحمل على الْقلب (بِكَوْنِهِ) أَي مَا بعد الْفَاء (جَوَاب الْأَمر) لِأَنَّهُ إِذا كَانَ جَوَابه كَانَ بِمَنْزِلَة جَزَاء الشَّرْط فَإِن أنزل تصب خيرا فِي معنى أَن تنزل تصبه، وَفِي مثله قد يحصل على الْقلب فيراد إِن تصب خيرا تنزل لكَونه لَازِما للْأَصْل: إِذْ سَبَبِيَّة النُّزُول لإصابة الْخَيْر يلْزمه أَن من تقرر فِي حَقه إِصَابَة الْخَيْر ينزل فَتدبر (وَجَوَابه يخص الْمُضَارع) لِأَن الْأَمر إِنَّمَا يسْتَحق الْجَواب بِتَقْدِير إِن المختصة بِهِ: وَهِي إِذا كَانَت مقدرَة لَا تجْعَل الْمَاضِي وَالْجُمْلَة الاسمية بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل، هَذَا غَايَة مَا تيَسّر من التَّوْجِيه، وَفِيه مَا فِيهِ، وَهَذَا كُله بِنَاء على مَا فسر بِهِ الشَّارِح الْقلب، وَالْحق أَن المُرَاد من الْقلب عكس قَوْله من الأول لَا الثَّانِي: أَي من الثَّانِي: وَهُوَ الدُّخُول على الْعلَّة بِاعْتِبَار أَنَّهَا معلولة فِي الْخَارِج لَا الأول: وَهُوَ الدُّخُول عَلَيْهَا بِاعْتِبَار تأخرها فِي الْبَقَاء، وَذَلِكَ لِأَن تعقل الْأَمْن عِلّة النُّزُول وَهُوَ مَعْلُول النُّزُول فِي الْخَارِج، لِأَن الْمَعْنى أَن تنزل تأمن فَيصير نُزُوله سَببا للأمن، وَلذَا علل تعذره بِأَن هَذَا مَبْنِيّ على كَون فَأَنت آمن جَوَاب الْأَمر، وَلَا يَصح لِأَنَّهُ يخص الْمُضَارع وَقد بَيناهُ (فَيعتق) فِي الْحَال أدّى أَو لم يؤد، لِأَن الْمَعْنى لِأَنَّك حر (و) كَذَا (يثبت الْأمان فِي الْحَال) نزل أَو لم ينزل، فَقَوله فِي الْحَال مُتَعَلق بالفعلين جَمِيعًا (وَمن الثَّانِي) أَي دُخُولهَا على الْعلَّة المعلولة فِي الْخَارِج مَا أخرج النَّسَائِيّ فِي الشُّهَدَاء عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (زملوهم الحَدِيث) أَي بدمائهم فَإِنَّهُ لَيْسَ كلم يكلم فِي سَبِيل الله إِلَّا يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يدمي، لَونه لون الدَّم وريحه ريح الْمسك، فَإِن الْإِتْيَان على هَذِه الْكَيْفِيَّة يَوْم الْقِيَامَة عِلّة تزميلهم فِي الذِّهْن، والتزميل: الْإخْفَاء واللف فِي الثَّوْب وَهُوَ معلوله فِي الْخَارِج (وَاخْتلفُوا فِي عطفها) أَي الْفَاء (الطلقات) حَال كَونهَا (معلقَة) على الشَّرْط فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute