هَهُنَا لِأَن الحَدِيث مُتَيَقن فَلَا يَزُول بِالشَّكِّ، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَن الحكم إِذا توقف على الدَّلِيل لَا يجب) أَي لَا يثبت (مَعَ عَدمه) أَي عدم الدَّلِيل لِامْتِنَاع ثُبُوت الْمَوْقُوف بِدُونِ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَمن الْمَعْلُوم توقفه والمفروض عدم الدَّلِيل هَهُنَا (وَالِاحْتِيَاط) إِنَّمَا هُوَ (الْعَمَل بأقوى الدَّلِيلَيْنِ وَهُوَ) أَي الْعَمَل بأفواهما (فرع تجاذبهما) بِأَن يتَحَقَّق دَلِيل يجذب الحكم إِلَيْهِ وَدَلِيل آخر يجذب نقيضه إِلَيْهِ جذب الْمُقْتَضى للمقتضى (وَهُوَ) أَي تجاذبهما (مُنْتَفٍ) لعدم وجودهما (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قيل فِي تَوْجِيهه من أَن قَوْله إِلَى الْمرَافِق غَايَة (لمسقطين مُقَدّر) صفة مسقطين لِأَنَّهُ لم يرد بِهِ خُصُوصِيَّة لفظ مسقطين، بل مَا يعمه وَمَا فِي مَعْنَاهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فَاغْسِلُوا أَيْدِيكُم حَال كونكم مسقطين الْمنْكب إِلَى الْمرْفق، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر بِلَا ملجئ) إِلَيْهِ، إِذْ الظَّاهِر تعلقه بِالْفِعْلِ الْمَذْكُور (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قيل من أَن قَوْله إِلَى الْمرَافِق (مُتَعَلق باغسلوا مَعَ أَن الْمَقْصُود مِنْهُ) أَي من اغسلوا (الْإِسْقَاط) فَهُوَ غَايَة لاغسلوا، لَكِن لأجل إِسْقَاط مَا وَرَاء الْمرَافِق عِنْد حكم الْغسْل، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ) أَي اللَّفْظ (لَا يُوجِبهُ) أَي لَا يُوجب كَون الْمَقْصد مِنْهُ الْإِسْقَاط مَعَ تعلقه باغسلوا (وَكَونه مُتَعَلقا باغسلوا مَعَ أَن الْمَقْصُود مِنْهُ الْإِسْقَاط) على تَقْدِير تَسْلِيمه (لَا يُوجِبهُ) أَي الْإِسْقَاط (عَمَّا وَرَاء الْمرْفق بل) إِنَّمَا يُوجب الْإِسْقَاط (عَمَّا قبله) أَي الْمرْفق تَوْضِيحه أَن الْإِسْقَاط الَّذِي يتضمنه الْغسْل إِنَّمَا هُوَ إِسْقَاط الْوَاجِب فِي الذِّمَّة بأَدَاء الْمَأْمُور بِهِ وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك إِلَّا فِيمَا قبل الْمرْفق لَا الْإِسْقَاط بِمَعْنى عدم وجوب الْغسْل ابْتِدَاء ليتَحَقَّق فِيمَا فَوْقه (بِاللَّفْظِ مَعَ أَنه) أَي هَذَا التَّوْجِيه (بِلَا قَاعِدَة) أَي لَا ينْدَرج تَحت قَاعِدَة من قَوَاعِد الْعَرَبيَّة (وَالْأَقْرَب) من الْكل أَن يُقَال أَن الحكم بِوُجُوب غسل إِنَّمَا هُوَ (الِاحْتِيَاط لثُبُوت الدُّخُول) أَي دُخُول الْغَايَة فِي حكم المغيا (وَعَدَمه) أَي الدُّخُول (كثيرا وَلم يرو عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطّ تَركه) أَي غسل الْمرَافِق (فَقَامَتْ قرينَة إِرَادَته) أَي الدُّخُول (من النَّص ظنا فَأوجب) هَذَا الْمَجْمُوع: أَعنِي كَثْرَة الدُّخُول وَعَدَمه مَعَ الْقَرِينَة الْمَذْكُورَة (للِاحْتِيَاط) بِالْغسْلِ كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَن كل وَاحِد من الكثرتين بِمَنْزِلَة دَلِيل، وَكَثْرَة الدُّخُول مَعَ الْقَرِينَة الْمَذْكُورَة أقوى الدَّلِيلَيْنِ فيطابق مَا سبق أَن الِاحْتِيَاط الْعَمَل بأقوى الدَّلِيلَيْنِ (إِلَّا أَن مُقْتَضَاهُ) أَي هَذَا الدَّلِيل (وجوب إدخالهما) أَي الْمرْفقين فِي غسل الْيَدَيْنِ (على أصلهم) أَي الْحَنَفِيَّة، لِأَنَّهُ ثَبت بِدَلِيل ظَنِّي لَا افتراض دخولهما وَلَكِن كَلَامهم صَرِيح فِي الافتراض وَإِن أطلق بَعضهم الْوُجُوب عَلَيْهِ، وَيُؤَيّد الْوُجُوب عدم تكفيرهم الْمُخَالف فِي ذَلِك (أَو يثبت) من الْإِثْبَات على صِيغَة الْمَجْهُول أقيم مقَام فَاعله (استقراء التَّفْصِيل) بَين أَن يكون جُزْءا فَيدْخل وَبَين أَن لَا يكون فَلَا (فَتحمل) الْغَايَة (عَلَيْهِ) أَي على التَّفْصِيل (عِنْد عدم الْقَرِينَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute