كَونه رَجْعِيًا أَو بَائِنا خَفِيفَة أَو غَلِيظَة بِمَال أَو بِلَا مَال إِلَى غير ذَلِك (تعلق الأَصْل) أَي أصل الطَّلَاق (بهَا) أَي بمشيئتها الْمَذْكُورَة فَهُوَ تَعْلِيق للطَّلَاق وكيفيته أَيْضا بِالْمَشِيئَةِ (غير مُتَوَقف) تعلق الأَصْل بمشيئتها (على امْتنَاع قيام الْعرض بِالْعرضِ كَمَا ظن) والظان صدر الشَّرِيعَة فِي التَّوْضِيح فِي أَنْت طَالِق كَيفَ شِئْت يتَعَلَّق بتعلق أصل الطَّلَاق أَيْضا بمشيئتها فعندهما مَا لَا يقبل الْإِشَارَة فحاصله وَأَصله سَوَاء أَظن هَذَا مَبْنِيا على امْتنَاع قيام الْعرض بِالْعرضِ فَإِن الْعرض الأول لَيْسَ محلا للعرض الثَّانِي بل كِلَاهُمَا حالان فِي الْجِسْم فَلَيْسَ أَحدهمَا أولى بِكَوْنِهِ أصلا ومحلا، بل هما سَوَاء لَكِن بِعَدَمِ الانفكاك إِذا تعلق أَحدهمَا بمشيئتها تعلق الآخر (لِأَنَّهُ) أَي قيام الْعرض بِالْعرضِ (بِالْمَعْنَى المُرَاد هُنَا وَهُوَ النَّعْت) أَي اخْتِصَاص الناعت بالمنعوت (غير مُمْتَنع) إِنَّمَا الْمُمْتَنع قِيَامه بِهِ بِمَعْنى حُلُوله فِيهِ على مَا عرف فَلَا يَقع شَيْء مَا لم تشأ، فَإِذا شَاءَت فالتفريع مَا سَيَأْتِي (وَعِنْده) أَي أبي حنيفَة (نقع) وَاحِدَة (رَجْعِيَّة) فِي الْمَدْخُول بهَا إِن لم تكن مسبوقة بِمَا يحصل بانضمامه الْبَيْنُونَة الْمُغَلَّظَة (وَيتَعَلَّق صيرورتها بَائِنَة وَثَلَاثًا) بمشيئتها وَالْحَاصِل أَنَّهَا إِن كَانَت غير مدخولة بَانَتْ فَلَا مَشِيئَة بعد، وَإِن كَانَت مدخولة فالكيفية مفوضة إِلَيْهَا فِي الْمجْلس، لِأَن كَيفَ إِنَّمَا تدل على تَفْوِيض الْأَحْوَال وَالصِّفَات إِلَيْهَا دون الأَصْل، فَفِي الْعتْق وَغير المدخولة لَا مَشِيئَة بعد وُقُوع الأَصْل فَيلْغُو التَّفْوِيض وَفِي المدخولة يكون التَّفْوِيض إِلَيْهَا بِأَن تجعلها بَائِنَة أَو ثَلَاثًا، وَصَحَّ هَذَا التَّفْوِيض لِأَن الطَّلَاق قد يكون رَجْعِيًا فَيصير بَائِنا بِمُضِيِّ الْمدَّة وَقد يكون وَاحِدًا فَيصير ثَلَاثًا بِضَم اثْنَيْنِ إِلَيْهِ، وَلما كَانَ مَدْلُول كَيفَ مُطلق الْحَال وَالصّفة لَا خُصُوص البينونه وَكَونه ثَلَاثًا احْتَاجَ إِلَى بَيَان مَا يخصصهما بالإرادة فَقَالَ (تَخْصِيصًا بِالْعقلِ لما لَا بُد مِنْهُ) يَعْنِي أَن التَّعْلِيق عِنْده لما كَانَ بِاعْتِبَار الْوَصْف دون الأَصْل لزم وُقُوع الأَصْل تنجيزا بِمُجَرَّد قَوْله أَنْت طَالِق قبل أَن يَقُول كَيفَ شِئْت لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْد يتَوَقَّف صدر الْكَلَام عَلَيْهِ وَحَيْثُ كَانَ لَا يُوجد الأَصْل إِلَّا مَعَ وصف تعين أدناه محققا لوُجُوده وَهُوَ الرّجْعَة وَأَيْضًا لَا يتَصَوَّر التَّفْوِيض باعتبارها إِذْ التَّصَرُّف الَّذِي يُفَوض إِلَى الْغَيْر مَوْقُوف على فعل الْغَيْر: وَهِي تتَحَقَّق مَعَ الأَصْل فَلَا يصلح للتفويض إِلَّا مَا لَيْسَ بِلَازِم لَهُ وَهِي الْبَيْنُونَة، فاستثنى الرّجْعَة من الْوَصْف الْمُفَوض إِلَيْهَا، وَهَذَا معنى قَوْله تَخْصِيصًا إِلَى آخِره (فَلَزِمَ فِي غير المدخولة الْبَيْنُونَة) إِذْ الرّجْعَة إِنَّمَا تكون فِي الْعدة وَلَا عدَّة لَهَا (فتتعذر الْمَشِيئَة) لِأَن الْمَشِيئَة فرع عدم حُصُول الْبَيْنُونَة بِمُجَرَّد الطَّلَاق، وَقد تحققت بِمُجَرَّدِهِ وَلَا يتَصَوَّر تفويضها اليها بعد تحققها (وَمثله) أَي مثل أَنْت طَالِق كَيفَ شِئْت (أَنْت حر كَيفَ شِئْت) فعندهما لَا يعْتق مَا لم يَشَأْ فِي الْمجْلس، وَعِنْده يعْتق فِي الْحَال وَلَا مَشِيئَة لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute