ظَاهره) بِنَاء (على تَفْسِيره) اصْطِلَاحا (بالْكلَام الَّذِي بِحَيْثُ يُوَجه إِلَى المتهيء لفهمه) وَهَذِه الْحَيْثِيَّة إِنَّمَا تحصل للْكَلَام إِذا تمّ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَلم يبْق سوى التَّوْجِيه نَحْو المستعدّ لفهمه وَإِنَّمَا حمل على ظَاهره الْمَذْكُور (لِأَن النَّفْسِيّ) الَّذِي أُرِيد بِلَفْظ الْخطاب هَهُنَا متصف (بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة فِي الْأَزَل وَكَونه) أَي الْخطاب (تَوْجِيه الْكَلَام) نَحْو الْغَيْر للإفهام معنى (لغَوِيّ) وَلَيْسَ بِمُرَاد هُنَا (وَالْخلاف فِي خطاب الْمَعْدُوم) فِي الْأَزَل لَفْظِي، يَعْنِي أَن الْخلاف بَين الْفَرِيقَيْنِ بِحَسب اللَّفْظ لَا بِحَسب الْمَعْنى فذهاب كل مِنْهُمَا إِلَى مَا يُخَالف الآخر صُورَة (مَبْنِيّ عَلَيْهِ) أَي على تَفْسِير الْخطاب (فالمانع) كَونه تَعَالَى مُخَاطبا فِي الْأَزَل (يُرِيد) بِالْخِطَابِ الْخطاب (الشفاهي) المستلزم لحضور الْمُخَاطب عِنْده، من المشافهة (التنجيزي) صفة مُؤَكدَة للشفاهي، أَصله من نجز الْكَلَام إِذا انْقَطع فَإِن الْكَلَام الشفاهي الْمُقَارن للإفهام يَنْقَطِع، بِخِلَاف مَا يهيأ لَهُ وَلم يَقع بِهِ بعد فالمعدوم لَا يتَصَوَّر فِيهِ المشافهة والتنجيز (إِذا كَانَ مَعْنَاهُ) أَي الْخطاب عِنْده (تَوْجِيه) الْكَلَام وَهُوَ صَحِيح، إِذْ لَيْسَ موجها إِلَيْهِ فِي الْأَزَل (والمثبت) كَونه مُخَاطبا (يُرِيد الْكَلَام) المتصف (بالحيثية) الْمَذْكُورَة (وَمَعْنَاهُ) أَي حَقِيقَة هَذَا المُرَاد ومآله (قيام طلب) أَي طلب فعل أَو ترك بِذَات الطَّالِب مثلا، فَمثله كل معنى كَلَام هيء للإفهام إنشائيا كَانَ أَو خبريا وَلم يُوجد الْمُخَاطب بِهِ بعد، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (مِمَّن سيوجد ويتهيأ) لفهمه، وَلَا اسْتِحَالَة فِي طلب كَذَا من الْمَعْدُوم إِذْ لم يطْلب مِنْهُ فِي حَال عَدمه، بل طلب مِنْهُ أَن يَفْعَله بعد الْوُجُود والاستعداد وَحين يُوجد ويتهيأ لفهمه يتَعَلَّق بِهِ تعلقا آخر، وَهَذَا التَّعْلِيق حَادث فَإِن قلت فَمَا فَائِدَة التَّعَلُّق الأول قلت ظُهُور الْأَثر فِي أَوَانه وَالْكَلَام كَمَال لَا يَنْفَكّ عَنهُ الذَّات فِي الْأَزَل وَهُوَ أَمر وجداني يتكثر بِاعْتِبَار تعلقاته وتنوعات اعتباراته من الخبرية والإنشائية والماضوية والاستقبالية إِلَى غير ذَلِك فَظهر أَن الْخلاف لَفْظِي إِذْ لم يتحد مورد الْإِيجَاب وَالسَّلب فَإِن قلت بل الْخلاف معنوي إِذْ لم يثبت الْخصم صفة كَذَا قلت هَذَا خلاف آخر، إِنَّمَا الْكَلَام فِي الْخلاف الَّذِي بَينا عدم توارد الْإِيجَاب وَالسَّلب فِيهِ على نِسْبَة وَاحِدَة (وَاعْتِرَاض الْمُعْتَزلَة) على التَّعْرِيف الْمَذْكُور لمُطلق الحكم (بِأَن الْخطاب قديم عنْدكُمْ وَالْحكم حَادث) كَقَوْلِنَا (حرم شربه) أَي النيء من مَاء الْعِنَب إِذا اشتدّ (بعد أَن لم يكن حَرَامًا) فالحرمة الثَّابِتَة لَهُ المسبوقة بِالْعدمِ لَا شُبْهَة فِي حُدُوثه (مَدْفُوع بِأَن المُرَاد) أَي بقولنَا حرم بعد أَن لم يكن حَرَامًا (تعلق تَحْرِيمه) الْقَدِيم فالموصوف بالحدوث التَّعَلُّق (وَهُوَ) أَي التَّعَلُّق (حَادث، والتعلق يُقَال) على سَبِيل الِاشْتِرَاك اللَّفْظِيّ (بِهِ) أَي بِهَذَا الْمَعْنى وَهُوَ التَّعَلُّق الْحَادِث (وَيكون الْكَلَام) أَي وَبِمَعْنى كَون الْكَلَام (لَهُ معلقات) على صِيغَة الْمَفْعُول (وَهُوَ) أَي هَذَا الْمَعْنى (أزلي) وَهَذَا الْكَوْن الأزلي إِجْمَال ينْدَرج تَحْتَهُ تعلقات كَثِيرَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute