أَو لَا بل يكون وجوب تَصْدِيق كلهَا شَرْعِيًّا، وَالثَّانِي بَاطِل لِأَنَّهُ على تَقْدِيره كَانَ وجوب الْكل بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَزِمَ أَنه قَالَ تَصْدِيق الْإِخْبَار الأول وَاجِب فيتكلم فِي هَذَا القَوْل فَإِن لم يجب تَصْدِيقه لزم عدم وجوب تَصْدِيق الْإِخْبَار، وَإِن وَجب فإمَّا أَن يجب بالإخبار الأول فَيلْزم الدّور أَو بقول آخر فيتكلم فِيهِ فَيلْزم التسلسل، فَتعين كَون وجوب شَيْء من إخباراته عقليا انْتهى وَلَا يخفى أَن فَائِدَة انْتِفَاء الْبعْثَة لَازم للسلب الْكُلِّي، وَانْتِفَاء السَّلب الْكُلِّي يتَحَقَّق بِالْإِيجَابِ الجزئي، وَقَوله وَإِن وَجب إِلَى آخر الْمُقدمَات مَبْنِيّ على الْإِيجَاب الْكُلِّي، فَيبقى بَينهمَا وَاسِطَة لم يذكر حكمهَا فَاخْتَارَ التَّقْرِير الْمَذْكُور لِئَلَّا يرد عَلَيْهِ ذَلِك مَعَ أَنه أخصر، ثمَّ لما أثبت وجوب التَّصْدِيق الْإِخْبَار الأول ردد فِيهِ، فَقَالَ (فَأَما) أَي فثبوت وُجُوبه إِمَّا (بِالشَّرْعِ) أَو بِالْعقلِ. وَالثَّانِي عين الْمَطْلُوب كَمَا سَيَأْتِي، وعنى الأول (فبنص وجوب تَصْدِيق) أَي فثبوته الشَّرْعِيّ إِنَّمَا يكون بِنَصّ دَال على وجوب تَصْدِيق النَّبِي فَهُوَ إِخْبَار ثَان عَن الله، فيتكلم فِيهِ على سَبِيل الترديد فَيَقُول (الثَّانِي) ثُبُوته (لَا يكون بِنَفسِهِ) وَإِلَّا يلْزم توقف الشَّيْء على نَفسه، فَيلْزم أَن يكون بِغَيْرِهِ (فإمَّا) أَن يكون ثُبُوته (بِالْأولِ) فَيكون ذَلِك الْغَيْر هُوَ الْإِخْبَار الأول (فيدور) أَي فَيلْزم الدّور، لِأَن الْمَفْرُوض توقف ثُبُوت وجوب تَصْدِيق الأول عَلَيْهِ (أَو) يكون ثُبُوته (بثالث) أَي بأخبار ثَالِث (فيتسلسل فَهُوَ) أَي وجوب تَصْدِيقه فِي أول إخباراته (بِالْعقلِ، وَكَذَا) أَي لوُجُوب تَصْدِيق الْإِخْبَار الأول (وجوب امْتِثَال أوامره) أَي الشَّارِع فِي أَن وجوب ثُبُوتهَا بِالْعقلِ، فَيُقَال (لَو) كَانَ ثُبُوته (بِالشَّرْعِ توقف) أَي وُجُوبه (على الْأَمر بالامتثال) وَهُوَ من ثَان (فوجوب امْتِثَال الْأَمر بالامتثال) صلَة الْأَمر (إِن كَانَ بِالْأولِ دَار، وَإِلَّا) بِأَن كَانَ بثالث، وَالثَّالِث برابع، وهلم جرا (تسلسل) فَمَا قيل مُبْتَدأ خَبره (فَجَوَابه أَن اللَّازِم) من هَذَا الدَّلِيل (جزم الْعقل بصدقه) أَي النَّبِي فِي أول إخباراته، وَيُوجب ذَلِك امْتِثَال أوامره (استنباطا من دليلها) أَي من دَلِيل صدق إخباراته ووجوبات امْتِثَال أوامره وَهُوَ ظُهُور المعجزة على يَدَيْهِ ليثبت صدقه فِيمَا يخبر عَن الله تَعَالَى، وامتثال مَا يَأْمر بِهِ (فَأَيْنَ الْوُجُوب عقلا بِمَعْنى اسْتِحْقَاق الْعقَاب) فِي الآجل (بِالتّرْكِ، بل يتَوَقَّف) الْوُجُوب عقلا بِهَذَا الْمَعْنى (على نَص) فَإِن قلت: إِذا ثَبت صدقه وَعلم أَن مَا يَدْعُو إِلَيْهِ من الله تَعَالَى مَطْلُوب من العَبْد يثبت أَنه إِذا عَصَاهُ يسْتَحق الْعقَاب فِي الْآخِرَة قُلْنَا لَا نسلم لِأَنَّهُ يرجع إِلَيْهِ ضَرَر من عصيانهم وَلَا يتأثر بِهِ، فَيجوز أَن لَا يغْضب على العَاصِي، والاستحقاق الْمَذْكُور فرع ذَلِك فَلَا بُد من نَص دَال عَلَيْهِ (قَالُوا) أَي الْمُعْتَزلَة (ثَانِيًا نقطع بِأَنَّهُ يقبح عِنْد الله من الْعَارِف بِذَاتِهِ المنزهة وَصِفَاته الْكَرِيمَة أَن ينْسب إِلَيْهِ مَا لَا يَلِيق من صِفَات النَّقْص) سَوَاء (ورد شرع)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute