للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ) مُعْتَرضَة وَخَبره (فعل الْمُكَلف) يُرِيد أَن التَّعْبِير عَن فعل الْمُكَلف بالمحكوم فِيهِ أقرب من حَيْثُ الْمُنَاسبَة، وَأولى من التَّعْبِير عَنهُ بالمحكوم بِهِ كَمَا ذكره صدر الشَّرِيعَة والبيضاوي وَغَيرهمَا نقل الشَّارِح عَن المُصَنّف أَنه قَالَ: إِذا لم يحكم الشَّارِع بِهِ على الْمُكَلف، بل حكم فِي الْفِعْل بِالْوُجُوب، بِالْمَنْعِ، بِالْإِطْلَاقِ، وَالظَّاهِر أَن لَيْسَ مَنعه حكم بِهِ على الْمُكَلف وَلَا فِي إِطْلَاقه وَالْإِذْن فِيهِ، وَإِنَّمَا يخال ذَلِك فِي إِيجَابه، وَعند التَّحْقِيق يظْهر أَن لَيْسَ إِيجَابه: أَي إِيجَاب الشَّارِع فعله حكما بِنَفس الْفِعْل، وَلَو سلم كَانَ بِاعْتِبَار قسم يُخَالِفهُ أَقسَام (مُتَعَلق الْإِيجَاب) حَال من الْخَبَر (و) الْعَامِل معنوي (هُوَ الْوَاجِب) أَي يُسمى الْوَاجِب (لم يشتقوا لَهُ) أَي لفعله الْمَذْكُور (بِاعْتِبَار أَثَره) أَي الْإِيجَاب الْمُتَعَلّق بِهِ اسْما (إِلَّا اسْم الْفَاعِل) وَأما الْبَاقِي (فمتعلق النّدب وَالْإِبَاحَة وَالْكَرَاهَة مفعول) اشتق لمتعلقها بِاعْتِبَار أَثَرهَا اسْم مفعول، وَهُوَ (مَنْدُوب مُبَاح مَكْرُوه و) اشتقوا (كلا) من اسْمِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول (لمتعلق التَّحْرِيم) فَقَالُوا هُوَ (حرَام محرّم تَخْصِيصًا بالاصطلاح فِي الأول) أَي وَقع تَخْصِيص فِي مُتَعَلق الْإِيجَاب بالاقتصار على اسْم الْفَاعِل (و) فِي (الْأَخير) يَعْنِي مُتَعَلق التَّحْرِيم بِأَن وَسعوا لَهُ فِي الِاشْتِقَاق لَا لغيره، وكل ذَلِك بمجرّد الِاصْطِلَاح، لَا لموجب اقْتضى ذَلِك (ورسم الْوَاجِب بِمَا) أَي فعل (يُعَاقب تَاركه) على تَركه، قَوْله رسم الْوَاجِب مُبْتَدأ خَبره (مَرْدُود بِجَوَاز الْعَفو) عَنهُ: أَي سَبَب الرّد أَنه لَيْسَ الْعقَاب من لوازمه لجَوَاز أَن يعفي عَنهُ فَلَا يُعَاقب (و) رسمه (بِمَا أوعد) بالعقاب (على تَركه، إِن أُرِيد) بِالتّرْكِ التّرْك (الأعمّ من ترك) مُكَلّف (وَاحِد أَو) ترك (الكلّ) أَي كلّ الْمُكَلّفين فِي تِلْكَ النَّاحِيَة (ليدْخل الْكِفَايَة) أَي الْوَاجِب كِفَايَة فِي التَّعْرِيف (لزم التوعد بترك وَاحِد فِي الْكِفَايَة) مَعَ فعل غَيره (أَو) أُرِيد بِهِ (ترك الكلّ خرج مَتْرُوك الْوَاحِد) فِي الْوَاجِب عينا أَن لم يبين حكمه (أَو) أُرِيد بِهِ تَركه (الْوَاحِد خرج الْكِفَايَة، وَأما ردّه) أَي التَّعْرِيف الْمَذْكُور (بِصدق إيعاده كوعده فيستلزم الْعقَاب) يَعْنِي أَن الْعُدُول عَن المعاقبة إِلَى الإيعاد الْمعبر عَنهُ بأوعد لَا يصحح التَّعْرِيف للُزُوم وُقُوع مُتَعَلق الإيعاد، فَلَا فرق فِي الْمَآل بَين قَوْلكُم يُعَاقب وقولكم أوعده الله بالعقاب على التّرْك، فَكَمَا أَن ذَلِك مَرْدُود بِجَوَاز الْعَفو كَذَلِك هَذَا (فيناقض تجويزهم الْعَفو) إِذا أوعد تَارِك الْوَاجِب مُطلقًا بالعقاب، وقلتم إيعاده يسْتَلْزم الْعقَاب، فَلم يبْق لجَوَاز الْعَفو مجَال (وَهُوَ) أَي هَذَا الردّ (بالمعتزلة أليق) لِاسْتِحَالَة الْخلف فِي وعيده تَعَالَى عِنْدهم، بِخِلَاف أهل السّنة، ثمَّ إِن التَّنَاقُض يلْزم من ظنّ كَون الإيعاد الْمَذْكُور فِي التَّعْرِيف مستلزما للعقاب فِي جَمِيع الْأَوْقَات (إِلَّا) وَقت (أَن يُرَاد) بالإيعاد الْمَذْكُور (إيعاد ترك وَاجِب الْإِيمَان) فَإِن الْخلف فِيهِ غير جَائِز قطعا لقَوْله تَعَالَى - (إِن الله لَا يغْفر أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>