الْحَنَفِيَّة يتضيق) الْوُجُوب (عِنْد الشُّرُوع) فِي الْفِعْل (وتقرر السَّبَبِيَّة للَّذي يَلِيهِ) الشُّرُوع (يلْزمه) أَي القَوْل الْمَذْكُور (كَون الْمُسَبّب هُوَ الْمُعَرّف للسبب، وَهُوَ) أَي كَون الْمُسَبّب هُوَ الْمُعَرّف للسبب (عكس) فِي (وَضعه) أَي الْمُسَبّب لِأَن شَأْنه أَن يكون مُعَرفا لَا مُعَرفا (و) عكس (وضع الْعَلامَة) لِأَن الْعَلامَة هِيَ الْمعرفَة لما هِيَ عَلامَة لَهُ كَمَا أَن السَّبَب هُوَ مَا يعرف للمسبب. وَفِي بعض النّسخ (ومفوتا لمقصودها) وَهِي مَا عَلَيْهِ الشَّارِح، وَقَالَ الظَّاهِر ومفوت وَلَيْسَ فِي النُّسْخَة الَّتِي اعتمادي عَلَيْهَا هَذِه الزِّيَادَة، وَهُوَ أولى إِذْ لَيْسَ فِي تِلْكَ النُّسْخَة زِيَادَة فَائِدَة، أَو فسر مقصد الْعَلامَة بالتعريف لما هِيَ عَلامَة لَهُ، وَهَذَا الْمَعْنى يفهم بِدُونِ تِلْكَ الزِّيَادَة (وَبِه) أَي بِكَوْن الْمُسَبّب هُنَا هُوَ الْمُعَرّف للسبب (يصير) هَذَا القَوْل (أبعد من الْمَذْهَب المرذول) رذل ككرم وَعلم بِمَعْنى ذل، ورذله غَيره وأرذله عدَّة رذلة وَهُوَ (أَن التَّكْلِيف مَعَ الْفِعْل) لَا قبله (لقَولهم) أَي الْحَنَفِيَّة تَعْلِيل لبَيَان وجوب الْمَذْهَب المرذول (أَن الطّلب) الَّذِي هُوَ التَّكْلِيف (لم يسْبقهُ) أَي الْفِعْل (إِذْ لَا طلب فِي أصل الْوُجُوب كَمَا ذكرنَا) على مَا مر فِي قَوْله وصرحوا الخ (فَهُوَ) أَي أصل الْوُجُوب (السَّابِق) على الْفِعْل لَا طلبه إِذْ هُوَ مَعَ الْمُبَاشرَة، وَإِنَّمَا كَانَ أبعد لتَضَمّنه كَون التَّكْلِيف مَعَ الْفِعْل لُزُوم عكس وضع السَّبَب والعلامة (وَالْوَجْه أَن مَا أمكن فِيهِ اعْتِبَار وجوب الْأَدَاء بِالسَّبَبِ موسعا اعْتبر) وجوب أَدَائِهِ بذلك السَّبَب على الْوَجْه الْمَذْكُور (كَالدّين الْمُؤَجل يثبت بِالشغلِ) أَي شغل ذمَّة الْمَدْيُون بذلك الدّين (وجوب الْأَدَاء موسعا: أَي مُخَيّرا) فِي أَدَاء الدّين فِي أَي جُزْء شَاءَ من الْمدَّة المحدودة (إِلَى الْحُلُول) أَي حُلُول الْأَجَل (أَو) إِلَى (الطّلب بعده) أَي الْحُلُول (فيتضيق) فَإِن قلت أَن وجوب الْأَدَاء قد انْتقل عَن التَّوَسُّع إِلَى التَّضْيِيق بِمُجَرَّد حُلُول الْأَجَل فَمَا معنى حُدُوث التَّضْيِيق بعده الْمُسْتَفَاد من عطف الطّلب على الْحُلُول قلت هَذَا على تَقْدِير رضَا الدَّائِن بِالتَّأْخِيرِ عَن الْأَجَل (وكالثوب المطار) أَي الَّذِي أطارته الرّيح (إِلَى إِنْسَان يجب) أَدَاؤُهُ بِمَعْنى تَسْلِيمه للْمَالِك (كَذَلِك) أَي وجوبا موسعا (إِلَى طلب مَالِكه) فيتضيق حِينَئِذٍ (ومالا) يُمكن فِيهِ اعْتِبَار وجوب الْأَدَاء بِالسَّبَبِ موسعا (كَالزَّكَاةِ عِنْد الْحَنَفِيَّة فَإِنَّهُ لَو وَجب الْأَدَاء بِملك النّصاب موسعا، فَأَما إِلَى الْحول فيتضيق، وَأما إِلَى آخر الْعُمر، وَالْأول) أَي وجوب الْأَدَاء بِملك النّصاب موسعا إِلَى الْحُلُول (فيتضيق مُنْتَفٍ لِأَنَّهُ) أَي وجوب الْأَدَاء (بعد الْحول على التَّرَاخِي على مَا اختاروه، وَكَذَا الثَّانِي) أَي وجوب الْأَدَاء بِملك النّصاب موسعا إِلَى آخر الْعُمر (لِأَن حَاصِلَة) أَنه (وَاجِب موسع من حِين الْملك إِلَى آخر الْعُمر فيضيع معنى اشْتِرَاط الْحول، نعم يتم) كَون الزِّيَادَة وَاجِبَة الْأَدَاء بِملك النّصاب موسعا إِلَى الْحول (على) قَول (الْمضيق) للْوُجُوب (بالحول والمصرف) ثمَّ قَوْله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute