لهَذَا الْخلاف (ويطالبون) أَي الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يجب بِالْأَمر الآخر (بِالْأَمر الْجَدِيد) غير النّذر فِي هَذِه الصُّورَة الدَّال على وجوب قَضَاء الصَّوْم الْمَذْكُور والإتيان بِهِ مُتَعَذر فِيمَا يظْهر (وَلَو قيل) بدل بِأَمْر جَدِيد (بِسَبَب آخر) كَمَا هُوَ عبارَة السَّرخسِيّ وَغَيره (شَمل الْقيَاس فَيمكن) أَن يجيبوا بِأَن السَّبَب الآخر هُوَ الْقيَاس (على الصَّلَاة) الْمَفْرُوضَة فِي الصَّلَاة الْمَنْذُورَة، وعَلى الصَّوْم الْمَفْرُوض فِي الصَّوْم الْمَنْذُور فَإِنَّهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " فَإِذا نسى أحدكُم صَلَاة أَو نَام عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا ". وَقَالَ تَعَالَى - {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} - اعْتِبَارا بِمَا هُوَ وَاجِب بِإِيجَاب العَبْد بِمَا هُوَ وَاجِب بِإِيجَاب الله تَعَالَى ابْتِدَاء (ونوقض) الْمُخْتَار عِنْد الْحَنَفِيَّة وَهُوَ أَنه يجب بِمَا يجب بِهِ الْأَدَاء (بِنذر اعْتِكَاف رَمَضَان إِذا لم يعتكفه) أَي رَمَضَان حَيْثُ (يجب) فِي ظَاهر الرِّوَايَة قَضَاؤُهُ (بِصَوْم جَدِيد وَلم يُوجِبهُ) أَي نذر اعْتِكَافه صَوْمه لوُجُوبه بِدُونِ النّذر (فَكَانَ) وجوب الْقَضَاء (بِغَيْرِهِ) أَي غير مَا يحب بِهِ الْأَدَاء (وَيبْطل) النّذر بعد انْتِفَاء الِاعْتِكَاف: أَي لَا يبْقى لَهُ مُوجب (كَأبي يُوسُف وَالْحسن) أَي كَمَا قَالَا، إِذْ لَا يُمكن إِيجَاب الْقَضَاء بِدُونِ الصَّوْم لِأَنَّهُ لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِالصَّوْمِ، وَلَا إِيجَابه بِالصَّوْمِ وَإِلَّا يلْزم إِلْزَام الزِّيَادَة على مَا الْتَزمهُ، وَفِيه أَن هَذَا كُله فرع كَون الصَّوْم الْجَدِيد قَضَاء، وَهُوَ غير لَازم لكَون الِاعْتِكَاف قَضَاء لجَوَاز كَون الصَّوْم أَدَاء تَابعا للاعتكاف من حَيْثُ التحقق لَا من حَيْثُ كَونه قَضَاء (أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي نذر الِاعْتِكَاف (مُوجب) للصَّوْم، لِأَنَّهُ شَرط صِحَة الِاعْتِكَاف وَشرط الشَّيْء يجب بتبعية وُجُوبه إِلَّا أَنه (امْتنع) إِيجَابا لَهُ (فِي خُصُوص ذَلِك) أَي نذر اعْتِكَافه رَمَضَان لمَانع هُوَ وُجُوبه قبل النّذر فَإِن إِضَافَته إِلَى رَمَضَان وَشرف الْوَقْت مَعَ حُصُول الْمَقْصد بِصَوْم الشَّهْر، لِأَن الشَّرْط من حَيْثُ هُوَ شَرط يعْتَبر وجوده تبعا يمْنَع إِيجَاب اعْتِكَاف بِصَوْم فِي غير رَمَضَان عِنْد الْأَدَاء (فَعِنْدَ عَدمه) أَي الْمَانِع، وَهُوَ رَمَضَان إِذا لم يعتكفه وَلزِمَ الْقَضَاء (ظهر أَثَره) أَي نذر الِاعْتِكَاف فِي إِيجَاب الصَّوْم كمظهر نذر أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُصليهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَة، وَإِذا انْقَضتْ لَزِمته لأدائها بذلك النّذر لَا بِسَبَب آخر (وَلزِمَ أَن لَا يقْضِي فِي رَمَضَان آخر، وَلَا وَاجِب) آخر لِأَن الصَّوْم وَإِن كَانَ شرطا لكنه مِمَّا يلْزم بِالنذرِ لكَونه عبَادَة مَقْصُودَة فِي نَفسه، فَإِذا ظهر أثر النّذر فِي إِيجَابه لَا يتَأَدَّى بِوَاجِب آخر كَمَا لَو نَذره مُطلقًا أَو مُضَافا إِلَى غير رَمَضَان (سوى قَضَاء) رَمَضَان (الأول) فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ (للخلفية) أَي لخلفية صَوْم الشَّهْر الْمقْضِي عَن صَوْم الْمَنْذُور: إِذْ الْخلف فِي حكم الأَصْل وَقد اكْتفى بِالصَّوْمِ الْوَاجِب أَصَالَة لَا من قبل النّذر بتبعية الِاعْتِكَاف فِي الأَصْل فَكَذَلِك فِي الْخلف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute