تحقق أصل الْوُجُوب قبل الْأَدَاء فَكَمَا صَحَّ ذَلِك عَن الْفَرْض صَحَّ هَذَا عَنهُ (فَإِن قيل مثله) أَي جَوَاز الحكم بعد تحقق سَبَب وُجُوبه قبل تحقق سَبَب وجوب أَدَائِهِ (يتَوَقَّف على السّمع) لِأَن سُقُوط مَا يسْتَحبّ أَدَاؤُهُ بِفِعْلِهِ قبل أَن يجب على خلاف الْقيَاس (قُلْنَا) نعم، وَقد وجد وَهُوَ (إِسْلَام عليّ رَضِي الله عَنهُ) أخرج الإِمَام البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين. وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق إِسْحَاق أَنه رَضِي الله عَنهُ أسلم وَهُوَ ابْن عشر سِنِين، وَعَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّايَة إِلَى عليّ رَضِي الله عَنهُ يَوْم بدر وَهُوَ ابْن عشْرين سنة، وَقَالَ صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ. قَالَ الذَّهَبِيّ رَحمَه الله: هَذَا نَص على أَنه أسلم وَله أقل من عشر سِنِين، بل نَص على أَنه أسلم وَهُوَ ابْن سبع أَو ثَمَان سِنِين، وَقَالَ بعض الْمُحدثين فعلى هَذَا يكون عمره حِين أسلم خمس سِنِين لِأَن إِسْلَامه رَضِي الله عَنهُ كَانَ فِي أول المبعث، وَمن المبعث إِلَى بدر خمس عشرَة سنة فَلَعَلَّ فِيهِ تجوزا بإلغاء الْكسر الَّذِي فَوق الْعشْرين، وَكَأن تَصْحِيح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِسْلَامه مَأْخُوذ من تَقْرِيره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَهُ على ذَلِك، وَقَالَ عفيف عَن الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي أول المبعث لم يُوَافق مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على دينه إِلَّا امْرَأَته خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وَهَذَا الْغُلَام عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ. قَالَ عفيف: فرأيتهم يصلونَ فوددت أَنِّي أسلمت حِينَئِذٍ فَأَكُون ربع الْإِسْلَام، وَعَن المُصَنّف رَحمَه الله أَنه إِن أُرِيد تَصْحِيحه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَحْكَام الْآخِرَة فَمُسلم، وكلامنا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا وَالْآخِرَة حَتَّى لَا يَرث أَقَاربه الْكفَّار وَنَحْو ذَلِك وَلم ينْقل تَصْحِيحه إِلَّا فِي الْعِبَادَات فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَه وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصحح صلَاته، وَصِحَّة الصَّلَاة فرع صِحَة الْإِيمَان انْتهى. وَلَا يخفى أَن الظَّاهِر مِنْهُ تَصْحِيحه فِي حق كل مَا يترفع عَلَيْهِ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم، ثمَّ قَالَ صَاحب الْكَشْف وكلامنا فِي صبي عَاقل يناظر فِي وحدانية الله تَعَالَى وَصِحَّة رِسَالَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجه لَا يبْقى فِي مَعْرفَته شُبْهَة (وعَلى مَا قدمنَا) هـ من الْبَحْث الَّذِي ينتفى بِهِ تحقق أصل الْوُجُوب فِي مسئلة ثُبُوت السَّبَبِيَّة لوُجُوب الْأَدَاء بِأول الْوَقْت موسعا فِي الْفَصْل الثَّالِث (يَكْفِي السّمع) أَي الْأَدِلَّة السمعية معينا (عَن) اعْتِبَار (أصل الْوُجُوب) تَوْضِيحه أَن الدَّاعِي لاعْتِبَار وُقُوع بعض الْأَفْعَال عَن الْوَاجِب قبل وجوب الْأَدَاء بعد تحقق سَببه فَلَو لم يعْتَبر هُنَاكَ أصل الْوُجُوب لم يبْق لوُقُوعه عَنهُ وَجه، وَلَا حَاجَة لاعْتِبَار أصل الْوُجُوب (ونفاه) أَي أصل الْوُجُوب للْإيمَان عَن الصَّبِي الْعَاقِل (شمس الْأَئِمَّة) السَّرخسِيّ رَحمَه الله (لعدم حكمه) أَي الْوُجُوب وَهُوَ لُزُوم الْأَدَاء وَهُوَ لَا يجب بِدُونِهِ وَإِن وجد السَّبَب وَالْمحل (وَلَو أدّى) الصبيّ الْمَذْكُور أَي آمن (وَقع) ذَلِك المؤدّي (فرضا لِأَن عدم الْوُجُوب كَانَ لعدم حكمه) أَي كَانَ لعَجزه المفضي إِلَيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute