وَالِاخْتِلَاف ثَمَانِيَة وَسَبْعُونَ. قَالَ الشَّارِح: قيل وَالْحق أَن يَجْعَل صور الِاتِّفَاق وَالِاخْتِلَاف سِتا وَثَلَاثِينَ إِن أَرَادَ بِأَحَدِهِمَا غير معِين، وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ إِن أَرَادَ معينا، فَحِينَئِذٍ صور الِاتِّفَاق تسع وصور الِاخْتِلَاف اثْنَان وَسَبْعُونَ انْتهى، هَكَذَا نقل، وَقد تبين مُرَاد هَذَا الْقَائِل مَعَ كَمَال حَاجته إِلَى الْبَيَان، وَلَعَلَّه أَرَادَ بِأَحَدِهِمَا الَّذِي جوز فِيهِ التَّعْيِين وَعدم التَّخْيِير أحد الْعَاقِدين وَأَنه إِذا لم يعين بِحَيْثُ يعم كلا مِنْهُمَا على سَبِيل الْبَدَل لم يتَحَقَّق فِي الِاخْتِلَاف تسع صور بل ينْحَصر فِي فِي سِتّ: دَعْوَاهُ إعراضهما أَو بناءهما أَو ذهولهما أَو إِعْرَاض أَحدهمَا لَا على التَّعْيِين مَعَ بِنَاء الآخر أَو ذُهُوله وَلم يبْق إِلَّا دَعْوَاهُ بِنَاء أَحدهمَا مَعَ ذُهُول الآخر، وَلَا يُمكن أَن يُقَال حِينَئِذٍ أَو مَعَ إعراضه لاندراجه فِيمَا سبق بِسَبَب تَعْمِيم أَحدهمَا، بِخِلَاف مَا إِذا ادّعى إِعْرَاض زيد مَعَ بِنَاء عَمْرو أَو ذُهُوله أَو ادّعى بِنَاء زيد مَعَ إِعْرَاض عَمْرو أَو ذُهُوله أَو ادّعى ذُهُول زيد مَعَ إِعْرَاض عَمْرو أَو بنائِهِ فَهَذِهِ سِتَّة بعد تِلْكَ الثَّلَاثَة الأول وَلَا يخفى أَن مَجْمُوع صور الِاخْتِلَاف إِذا كَانَت سِتَّة وَضربت فِي الْخَمْسَة يحصل ثَلَاثُونَ، وَإِذا كَانَت تِسْعَة وَضربت فِي الثَّمَانِية يحصل مَا ذكره المُصَنّف، وعَلى هَذَا الِاتِّفَاق عدم التَّعْيِين لعدم النزاع الْمخْرج إِلَى ذكر تِلْكَ التفاصيل (وَأما) أَن يتواضعا (فِي قدر الْعِوَض بِأَن تواضعا) على البيع بِأَلفَيْنِ وَالثمن بِأَلف) أَي وعَلى أَن الثّمن ألف (فهما) أَي أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد (يعملان) فِي جَمِيع صور الِاتِّفَاق وَالِاخْتِلَاف (بالمواضعة) فيحكمان بِمَا تواضعا عَلَيْهِ (إِلَّا فِي إعراضهما) عَنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يعملان بِالْإِعْرَاضِ فَيصح العقد على أَلفَيْنِ وَهُوَ رِوَايَة مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة (وَهُوَ) أَي أَبُو حنيفَة فِي الْأَصَح عَنهُ يعْمل (بِالْعقدِ) فَنَقُول بِصِحَّتِهِ بِأَلفَيْنِ (فِي الْكل، وَالْفرق لَهُ) أَي لأبي حنيفَة (بَين الْبناء هُنَا وثمة) أَي فِيمَا إِذا كَانَ الْمُوَاضَعَة فِي الحكم يحكم بِمُوجب الْمُوَاضَعَة بِسَبَب (أَن الْعَمَل بالمواضعة) هُنَا (يَجْعَل قبُول أحد الْأَلفَيْنِ شرطا لقبُول البيع بِالْألف) الآخر لعدم دُخُول الآخر فِي العقد فَيصير كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك بِأَلفَيْنِ على أَن لَا يجب أحد الْأَلفَيْنِ وَهَذَا شَرط فَاسد لِأَنَّهُ خلاف مُقْتَضى العقد وَفِيه نفع لأَحَدهمَا (فَيفْسد) البيع لنَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع وَشرط، رَوَاهُ أَبُو حنيفَة (فَالْحَاصِل التَّنَافِي بَين تَصْحِيحه) أَي تَصْحِيح أصل العقد الَّذِي لَا مواضعة فِيهِ (وَاعْتِبَار الْمُوَاضَعَة) المستلزم وجود الشَّرْط الْفَاسِد وَلزِمَ اعْتِبَار أَحدهمَا صونا لتصرف الْعَاقِل عَن الإهدار بِحَسب الْإِمْكَان، وَقد ثَبت تَصْحِيح العقد (تَرْجِيحا للْأَصْل) وَهُوَ العقد الْمُحَقق بالِاتِّفَاقِ على خلاف الأَصْل (فينتفى الثَّانِي) وَهُوَ اعْتِبَار الْمُوَاضَعَة، فَإِن الأَصْل فِي الْعُقُود الْجد لَا الْهزْل، فرعاية جَانب العقد بِحمْلِهِ على الْجد أولى من رِعَايَة جَانب الْمُوَاضَعَة الَّتِي كالهزل، وللشارح هَهُنَا كَلَام غير مستحسن يفهم مِنْهُ أَنه حمل الأَصْل على الْمَبِيع، وَالْمعْنَى تَرْجِيحا للْمَبِيع الَّذِي هُوَ الأَصْل فِي الْوَصْف الَّذِي هُوَ الثّمن وَعلله بقوله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute