مشكوكا بِسَبَب الِاخْتِلَاف، وَأما تعين العقد فِي الصُّورَة الأولى فَظَاهر لبُطْلَان الْمُوَاضَعَة باتفاقهما فَلهَذَا لم يذكرهُ (وَلعدم تَأْثِير الْهزْل عِنْدهمَا فِي صورها) أَي الْمُوَاضَعَة (حَتَّى لزما) أَي الطَّلَاق وَالْمَال (فِي) صُورَة (الْبناء) على الْمُوَاضَعَة (أَيْضا عِنْدهمَا، لِأَن المَال وَإِن لم يثبت بِالْهَزْلِ لكنه تبع للطَّلَاق لاستغنائه) أَي الطَّلَاق (عَنهُ) أَي المَال (لَوْلَا الْقَصْد إِلَى ذكره) أَي لَو لم يقْصد ذكر المَال فِي بَاب الطَّلَاق كَأَن ثَبت من غير أَن يثبت المَال، بِخِلَاف النِّكَاح فَإِنَّهُ يثبت فِيهِ، وَإِن لم يقْصد ذكره فَعِنْدَ ذكر المَال فِي الطَّلَاق كَانَ المَال تبعا وضمنيا (فَإِذا ثَبت المتضمن) على صِيغَة الْفَاعِل، وَهُوَ الطَّلَاق (ثَبت) المتضمن على صِيغَة الْمَفْعُول وَهُوَ المَال. وَلما كَانَ الْمَفْهُوم من قَوْله وَمَا فِيهِ مقصد إِلَى آخِره كَون المَال فِي الْعُقُود الْمَذْكُورَة مَقْصُودا، وَمن قَوْله لكنه تبع كَونه غير مقصد، وَبَينهمَا تدافع بِحَسب الظَّاهِر دَفعه بقوله (والتبعية) أَي تَبَعِيَّة المَال للطَّلَاق (بِهَذَا الْمَعْنى) أَي بِاعْتِبَار كَون ثُبُوته فِي الضمني حَتَّى صَحَّ مَعَ الْهزْل، وَفسّر الشَّارِح هَذَا الْمَعْنى بِكَوْنِهِ تَابعا لَهُ فِي الثُّبُوت لكَونه بِمَنْزِلَة الشَّرْط فِيهِ، والشروط أَتبَاع لما عرف وَلَا يخفى عَلَيْك أَن قَوْله لهَذَا الْمَعْنى إِشَارَة إِلَى مَا فهم مِمَّا قبله وَهُوَ مَا ذكرنَا، لِأَن مَا ذكر (لَا تنَافِي المقصودية بِالنّظرِ إِلَى الْعَاقِد) بِمَعْنى إِذا نَظرنَا إِلَى نفس العقد وجدنَا الطَّلَاق أصلا، وَالْمَال تبعا وضمنيا لما ذكر من الِاسْتِغْنَاء، وَإِذا نَظرنَا فِي الْعَاقِد وجدنَا المَال مَقْصُودا لَهُ، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا لاخْتِلَاف الْجِهَتَيْنِ (بِخِلَاف تبعيته) أَي المَال (فِي النِّكَاح فبمعنى أَنه) أَي المَال (غير الْمَقْصُود) للعاقدين، لِأَن قصدهما الْحل (وَهَذَا) الْمَعْنى (لَا يُنَافِي الْأَصَالَة) لِلْمَالِ (من حَيْثُ ثُبُوته) أَي المَال (عِنْد ثُبُوته) أَي النِّكَاح بِلَا ذكره، بل وَمَعَ نَفْيه إِظْهَارًا لخطر الْبضْع وَالْحَاصِل أَنه لَيْسَ بمقصود مِنْهُ، لكنه مَقْصُود فِيهِ لما ذكر، وَإِنَّمَا يُؤثر فِيهِ الْهزْل كَمَا فِي سَائِر الْأَمْوَال وَإِن لم يُؤثر فِي النِّكَاح. وَعَن شمس الْأَئِمَّة أَنه جعل الْمُوَاضَعَة فِي الطَّلَاق على مَال مثلهَا فِي النِّكَاح إِذا كَانَ الْهزْل فِي قدر الْبَدَل (وَعِنْده) أَي أبي حنيفَة فِي الْبناء الْأَوْجه الثَّلَاثَة: الْمُوَاضَعَة فِي أصل التَّصَرُّف، وَفِي قدر الْبَدَل، وَفِي جنسه (يتَوَقَّف الطَّلَاق على مشيئتها) أَي اخْتِيَار الْمَرْأَة الطَّلَاق بِالْمُسَمّى على طَرِيق الْجد، وَإِسْقَاط الْهزْل كَمَا يتَوَقَّف وُقُوعه فِي خِيَار الشَّرْط فِي الْخلْع من جَانبهَا على اخْتِيَارهَا، لِأَن الْهزْل بِمَنْزِلَة خِيَار الشَّرْط عِنْده لكنه فِي الْخلْع غير مُقَدّر بِالثلَاثِ، بِخِلَاف البيع: لِأَن الشَّرْط فِي الْخلْع على وفْق الْقيَاس، وتقييده بِالثلَاثِ فِي البيع لكَونه على خلاف الْقيَاس فَيقْتَصر على مورد النَّص، وَذَلِكَ لِأَن الْخلْع إِسْقَاط، وَالْبيع إِثْبَات، وَتَعْلِيق إِثْبَات المَال بالخطر فِي معنى الْقمَار، وَإِنَّمَا ذهب إِلَى التَّوَقُّف، لِأَن الأَصْل أَن يُرَاعى جَانب العقد وجانب الْمُوَاضَعَة بِحَسب الْإِمْكَان. وَفِي القَوْل بالتوقف رِعَايَة الْجَانِبَيْنِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute