للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَخْلُوق، والمخلوق غير قَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى (لَا التَّأْثِير) أَي الْخلق لَيْسَ هُوَ التَّأْثِير (والأقدم الْعَالم إِن قدم) التَّأْثِير لعدم انفكاك الْأَثر عَن التَّأْثِير (وَإِلَّا) وَإِن لم يكن التَّأْثِير قَدِيما، بل حَادِثا (تسلسل) أَي لزم التسلسل فِي التأثيرات، لِأَن الْحَادِث أثر يحْتَاج إِلَى مُؤثر وتأثير، فَيَعُود الْكَلَام إِلَى ذَلِك التَّأْثِير، وَهَكَذَا (وَهُوَ) أَي هَذَا الِاسْتِدْلَال على تَقْدِير تَسْلِيم مقدماته (مُثبت لجزء الدَّعْوَى) لَا لَهَا لِأَنَّهَا مركبة من مقدمتين، أَحدهمَا الِاشْتِقَاق لذات لَا يقوم بهَا المبدأ، وَثَانِيهمَا أَنه قَائِم بغَيْرهَا، وَالدَّلِيل لَا يُفِيد إِلَّا الأولى، إِذْ الْخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق مَجْمُوع الْجَوْهَر وَالْعرض، وَبَعضه قَائِم بِنَفسِهِ، وَبَعضه بذلك الْبَعْض، وَالْمَجْمُوع يعد قَائِما بِنَفسِهِ لَا بِغَيْرِهِ كالجسم الْمركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة ونوقش بِأَن إِطْلَاق الْخَالِق لَا يجب أَن يكون بِاعْتِبَار جَمِيع الْمَخْلُوقَات، بل يَصح بِاعْتِبَار الْأَفْعَال وَالصِّفَات، وَحِينَئِذٍ يثبت تَمام الدَّعْوَى فَالْجَوَاب مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (أُجِيب بِأَن معنى خلقه كَونه سُبْحَانَهُ تعلّقت قدرته بالإيجاد وَهُوَ) أَي كَونه تَعَالَى كَذَا (إِضَافَة اعْتِبَار تقوم بِهِ) تَعَالَى أما كَونه إِضَافَة لكَونهَا معقولة بِالْقِيَاسِ إِلَى الْغَيْر، وَأما إِضَافَته إِلَى الِاعْتِبَار، فباعتبار أَنه يعقل بَين الذَّات الأقدس، وَأمر اعتباري هُوَ تعلق قدرته سُبْحَانَهُ بالإيجاد، ومبني هَذَا الْجَواب على نفي كَون التكوين صفة حَقِيقِيَّة أزلية تتكون بهَا المكونات الْحَادِثَة فِي أَوْقَاتهَا كَمَا هُوَ مَذْهَب الماتريدية كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (لَا صفة متقررة) مَعْطُوف على إِضَافَة اعْتِبَار (ليلزم كَونه محلا للحوادث) غَايَة للمنفي، يَعْنِي كَونه صفة متقررة يسْتَلْزم كَونه تَعَالَى محلا للحوادث على تَقْدِير حُدُوثه (أَو قدم الْعَالم) أَي تَقْدِير قدمه مَعْطُوف على كَونه (وَأورد) على الْجَواب الْمَذْكُور بطرِيق الترديد كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (إِن قَامَت بِهِ) تَعَالَى (النِّسْبَة) الَّتِي هِيَ (الِاعْتِبَار) الْمَذْكُور فِي قَوْله إِضَافَة اعْتِبَار، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن الْإِضَافَة بَيَانِيَّة (فَهُوَ) تَعَالَى حِينَئِذٍ (مَحل للحوادث، وَإِن لم تقم بِهِ ثَبت مطلوبهم، وَهُوَ الِاشْتِقَاق لذات وَلَيْسَ الْمَعْنى) قَائِما (بِهِ) أَي الذَّات بِتَأْوِيل مَا اشتق لَهُ، وَقد سبق أَنه مُثبت لجزء الْمُدَّعِي (مَعَ أَن الْوَجْه) الَّذِي مَعَ وجوده لَا يُسمى غَيره وَجها (أَن لَا تقوم) النِّسْبَة الْمَذْكُورَة (بِهِ) تَعَالَى (لِأَن الاعتباري لَيْسَ لَهُ وجود حَقِيقِيّ) وَهُوَ الْوُجُود الْخَارِجِي (فَلَا يقوم بِهِ حَقِيقَة) لِأَن الْقيَاس فرع وجود مَا يقوم بِهِ، وَفِيه نظر، لِأَن الْعَمى وَهُوَ عدم الْبَصَر عَمَّا من شَأْنه أَن يبصر غير مَوْجُود فِي الْخَارِج مَعَ أَنه قَائِم فِيهِ بالأعمى، وَمن ثمَّ اشْتهر بَينهم أَن ثُبُوت شَيْء لشَيْء فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ لَا الْمُثبت: نعم ذكر بعض الأفاضل على سَبِيل الِاعْتِرَاض أَنه فرع ثُبُوت الْمُثبت أَيْضا، فَلَا وَجه للتخصيص، وَكَأن المُصَنّف رَحمَه الله مَال إِلَيْهِ، فَحِينَئِذٍ يُنكر قيام الْعمي فِي الْخَارِج، بل فِي الذِّهْن، وَهُوَ الْمُصَحح للاشتقاق كَمَا يُشِير إِلَيْهِ بقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>