الْإِكْرَاه على أَحدهمَا (عذرا بِأَن لَا يحل) للْفَاعِل الْإِقْدَام على الْفِعْل (كعلى الْقَتْل وَالزِّنَا) أَي كَمَا إِذا كَانَ الْإِكْرَاه على أَحدهمَا (لَا يقطعهُ) أَي الْإِكْرَاه الحكم (عَنهُ) أَي الْفَاعِل (فيقتص من الْمُكْره) الْمُبَاشر للْقَتْل بِالْقَتْلِ (وَيحد) الْمُكْره الَّذِي زنا. لَا يُقَال مُقْتَضَاهُ أَن لَا يقْتَصّ من الْحَامِل. لأَنا نقُول (وَإِنَّمَا يقْتَصّ من الْحَامِل أَيْضا عِنْده) أَي الشَّافِعِي (بالتسبيب) فِي قَتله بإكراهه، وَهُوَ كالمباشرة فِي إِيجَاب الْقصاص، إِذْ الْمَقْصُود من شرع الْقصاص الْإِحْيَاء وَهُوَ لَا يحصل إِلَّا بسد بَاب الْإِكْرَاه على الْقَتْل (وَمَا) كَانَ من الْإِكْرَاه (بِحَق لَا يقطع) نِسْبَة الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل أَيْضا كَمَا لَا يقطع فِيمَا ذكر قبيل هَذَا (فصح إِسْلَام الْحَرْبِيّ وَبيع الْمَدْيُون الْقَادِر) على وَفَاء دين (مَاله للإيفاء وَطَلَاق الْمولى) على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من زَوجته (بعد الْمدَّة) أَي بعد مُضِيّ مُدَّة الْإِيلَاء حَال كَون هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين (مكرهين) على الْإِسْلَام وَالْبيع وَالطَّلَاق، لِأَن إِكْرَاه الْحَرْبِيّ على الْإِسْلَام جَائِز فعد اخْتِيَاره قَائِما فِي حَقه إعلاء لِلْإِسْلَامِ كَمَا عد قَائِما فِي حق السَّكْرَان زجرا لَهُ، ولصحة إِكْرَاه كل من الْمَدْيُون وَالْمولى على الْإِيفَاء وَالطَّلَاق بعد الْمدَّة لكَونه ظَالِما بالامتناع عَن الْقيام بِمَا هُوَ حق عَلَيْهِ، بِخِلَاف الْإِكْرَاه على الطَّلَاق قبل مضيها فَإِنَّهُ بَاطِل، فَلَا يَقع الطَّلَاق (بِخِلَاف إِسْلَام الذِّمِّيّ) بِالْإِكْرَاهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصح لِأَن إكراهه غير جَائِز، لأَنا أمرنَا أَن نتركهم وَمَا يدينون، فَلَا يُمكن عد اخْتِيَاره قَائِما فَلَا يعْتد بِهِ (وَالْإِكْرَاه بِحَبْس مخلد وَضرب مبرح) أَي شَدِيد (وَقتل سَوَاء عِنْده) أَي الشَّافِعِي، لِأَن فِي الْحَبْس ضَرَرا كَالْقَتْلِ، والعصمة تَقْتَضِي دفع الضَّرَر (بِخِلَاف نَحْو إِتْلَاف المَال وإذهاب الْجمال) فَإِنَّهُ لَا يكون إِكْرَاها (وأصل الْحَنَفِيَّة) الَّذِي تتفرع عَلَيْهِ الْأَحْكَام فِي بَاب الْإِكْرَاه (أَن الْمُكْره عَلَيْهِ إِمَّا قَول لَا يَنْفَسِخ) كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق (فَينفذ كَمَا) ينفذ (فِي الْهزْل). قَالَ الشَّارِح: بل أولى لِأَنَّهُ منَاف للاختيار، وَالْإِكْرَاه مُفسد لَهُ لَا منَاف انْتهى. وَفِيه أَن منافاته إِنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَار عدم الرِّضَا بِحكمِهِ، وإفساد هَذَا بِاعْتِبَار الاضرار. وَقد سبق أَنه لَا يسلب الِاخْتِيَار، لَكِن الرِّضَا بالتلف بِسَبَب الحكم وعلته فِي جَانب الْهزْل يعادل النُّقْصَان الَّذِي يسببه الْإِكْرَاه وَلم يبلغ دَرَجَة الْمُنَافَاة للاختيار، فَقَوله بل أولى مَحل بحث (مَعَ اقْتِصَاره) أَي النَّفاذ (على الْمُكْره) أَي الْفَاعِل، لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يَجْعَل آلَة للحامل فِيهِ، فَلَا يلْزم على الْحَامِل شَيْء (إِلَّا مَا أتلف) من الْإِكْرَاه مَالا (كَالْعِتْقِ) أَي كالإكراه عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَول لَا يَنْفَسِخ وَقد أتلف بِهِ على الْمُكْره قيمَة الْمَمْلُوك (فَيجْعَل) الْفَاعِل فِيهِ (آلَة) فِي إِتْلَاف مَالِيَّة الْعَتِيق، لِأَن الْإِتْلَاف يحْتَمل ذَلِك (فَيضمن) الْحَامِل للْفَاعِل قيمَة العَبْد مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا، لِأَن هَذَا ضَمَان إِتْلَاف فَلَا يخْتَلف باليسار والإعسار، وَيثبت الْوَلَاء للْفَاعِل قيمَة العَبْد مُوسِرًا، لِأَنَّهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute