زَوْجَة غَيره وإعتاق عَبده) أَي غَيره، وعَلى هَذَا الْقيَاس فِي جَمِيع التصورات الْعَقْلِيَّة ومبناه امْتنَاع التَّكَلُّم بِلِسَان الْغَيْر، وَمَا يُقَال من أَن كَلَام الرَّسُول كَلَام الْمُرْسل بمجاز إِذْ الْعبْرَة بالتبليغ، وَهُوَ قد يكون مشافهة وَقد يكون بِوَاسِطَة وَيحمل كَلَام الْوَكِيل فِي الطَّلَاق وَالْعتاق على كَلَام الْمُوكل تَقْديرا، وَلَا يَجْعَل الْوَكِيل آلَة للْمُوكل (بِخِلَاف الْأَفْعَال) فَإِن مِنْهَا مَا يحْتَمل وَمِنْهَا مَا لَا يحْتَمل و (هَذَا تَقْسِيم الْمُكْره عَلَيْهِ بِاعْتِبَار نسبته) أَي الْمُكْره عَلَيْهِ (إِلَى الْحَامِل والمحمول، وَأما) تقسيمه (بِاعْتِبَار حل إقدام الْمُكْره) أَي الْفَاعِل (وَعَدَمه) أَي عدم حل إقدامه (فالحرمات) أَي فَهُوَ أَن يُقَال الْمُحرمَات (أما بِحَيْثُ لَا تسْقط وَلَا يرخص فِيهَا كَالْقَتْلِ وجرح الْغَيْر) لِأَن خوف تلف النَّفس أَو الْعُضْو لَا يكون سَببا لرخصة قتل الْغَيْر أَو قطع عضوه وَإِن كَانَ عَبده لاستحقاقهما الصيانة واستوائهما فِي الِاسْتِحْقَاق فَلَا تسْقط إِحْدَى الحرمتين لِلْأُخْرَى، أَلا ترى أَن الْمُضْطَر لَا يحل لَهُ أَن يقطع طرف الْغَيْر ويأكله، بِخِلَاف مَا إِذا أكره على قطع طرف نَفسه بِالْقَتْلِ، فَإِن قيل لَهُ لأَقْتُلَنك أَو تقطع أَنْت يدك حل لَهُ قطع يَده لِأَن حُرْمَة نَفسه فَوق حُرْمَة يَده عِنْد التَّعَارُض لِأَن أَطْرَافه وقاية نَفسه كأمواله فَجَاز لَهُ اخْتِيَار أدنى الضَّرَر لدفع الْأَعْلَى، وَأما حُرْمَة نَفسه فَلَيْسَتْ فَوق حُرْمَة يَد غَيره لما أجمع عَلَيْهِ من عدم حل أكل طرف الْغَيْر للْمُضْطَر (وزنا الرجل لِأَنَّهُ) أَي زِنَاهُ (قتل معنى) لوَلَده، إِمَّا لانْقِطَاع نسبه عَنهُ إِذْ من لَا نسب لَهُ كالميت، وَأما لِأَنَّهُ لَا يجب نَفَقَته عَلَيْهِ وَلَا على الْمَرْأَة لعجزها فتهلك، كَذَا قَالُوا، وَفِيه أَن قَوْله تَعَالَى - {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} - يَدْفَعهُ، وَأَيْضًا لَو سلم فَفِي غير الْمُزَوجَة، أما فِيهَا فَلَا، لنسبته إِلَى صَاحب الْفراش وَوُجُوب نَفَقَته عَلَيْهِ، وَدفع هَذَا بِأَن حِكْمَة الحكم تراعى فِي الْجِنْس لَا فِي كل فَرد، وَفِي الشَّرْح مناقشات أُخْرَى طويناها، وَأورد أَن حُصُول الْوَلَد غير مَعْلُوم، وعَلى تَقْدِيره فالهلاك موهوم لقدرة الْأُم على كسب يُنَاسِبهَا وهلاك الْمُكْره مُتَيَقن فَلَا يُعَارضهُ ونوقش فِي تيقنه لاحْتِمَال أَن يمْتَنع الْمُكْره من قبله، وَفِيه مَا فِيهِ، وَلِهَذَا أجمل المُصَنّف (فَلَا يحلهَا) أَي الْمُحرمَات الْمَذْكُورَة (الْإِكْرَاه الملجئ أَو) بِحَيْثُ (تسْقط كَحُرْمَةِ الْميتَة وَالْخمر وَالْخِنْزِير فيبيحها) أَي الْإِكْرَاه الملجئ هَذِه الْأَشْيَاء (للاستثناء) أَي لِأَنَّهُ تَعَالَى اسْتثْنى من تَحْرِيم الْميتَة وَنَحْوهَا حَالَة الِاضْطِرَار فَلَا تثبت الْحُرْمَة فِيهَا حِينَئِذٍ فَتبقى على الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة ضَرُورَة (والملجئ) أَي حَالَة الْمُكْره عِنْد الْإِكْرَاه الملجئ (نوع من الِاضْطِرَار أَو تثبت) الْإِبَاحَة فِي الْإِكْرَاه الملجئ (بدلالته) أَي بِدلَالَة النَّص الْمَذْكُور فِي الِاضْطِرَار كَمَا تثبت حُرْمَة الضَّرْب بِالنَّصِّ الدَّال على حُرْمَة التأفيف بطرِيق أولى على مَا سبق (إِن اخْتصَّ) الِاضْطِرَار (بالمخمصة فيأثم) الْمُكْره (لَو أوقع) الْقَتْل أَو قطع الْعُضْو (بِهِ لامتناعه) من تنَاول ذَلِك (إِن) كَانَ (عَالما بسقوطها) أَي الْحُرْمَة كَمَا لَو امْتنع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute