للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشُّعُور بتوسط وَاسِطَة مفضية إِلَيْهِ مَعَ أَن الْوَاسِطَة حَاضِرَة فِي الذِّهْن وَلَيْسَ ضَرُورِيًّا بِمَعْنى أَنه حَاصِل من غير وَاسِطَة كَقَوْلِنَا الْمَوْجُود لَا يكون مَعْدُوما فَإِنَّهُ لَا بُد فِيهِ من حُصُول مقدمتين إِحْدَاهمَا أَن هَؤُلَاءِ مَعَ كثرتهم وَاخْتِلَاف أَحْوَالهم لَا يجمعهُمْ على الْكَذِب جَامع. وَالثَّانيَِة أَنهم قد اتَّفقُوا على الْأَخْبَار عَن الْوَاقِعَة، لكنه لَا يفْتَقر إِلَى تَرْتِيب المقدمتين بِلَفْظ منظوم، وَلَا إِلَى الشُّعُور بتوسطهما أَو إفضائهما إِلَيْهِ (إِلَى أَنه) أَي الْخَبَر الْمُتَوَاتر (من قبيل القضايا الَّتِي قياساتها مَعهَا) كالعشرة نصف الْعشْرين (وَظهر) من قَوْلنَا نعلم علمنَا بِوُجُود بَغْدَاد إِلَى آخِره (عَدمه) أَي عدم كَونه من ذَلِك الْقَبِيل (قَالُوا) أَي المنكرون لضرورته (لَو كَانَ ضَرُورِيًّا علم ضروريته بِالضَّرُورَةِ) إِذْ الْعلم ببداهة الْعلم الْحَاصِل بِلَا نظر لَازم (فَلم يخْتَلف فِيهِ) لَكِن اخْتلف فِيهِ فَلَيْسَ ضَرُورِيًّا (قُلْنَا) معَارض بِأَنَّهُ (لَو كَانَ نظريا علم نظريته بِالضَّرُورَةِ) لمثل مَا ذكر (والحل) لمادة الشُّبْهَة (لَا يلْزم من حُصُول الْعلم الضَّرُورِيّ الشُّعُور بِصفتِهِ) الَّتِي هِيَ الضَّرُورَة، لِأَن تصور الْمَوْصُوف لَا يسْتَلْزم تصور الصّفة وَلَا التَّصْدِيق وجود التَّصْدِيق بثبوتها لَهُ (وَلَا يخفى أَنهم) أَي المنكرين للضَّرُورَة (لم يلزموا) المثبتين لَهَا (من الشُّعُور بِهِ) أَي بِالْعلمِ (الشُّعُور بِصفتِهِ) أَي بِصفة الْعلم (بل ألزموا كَون الْعلم بهَا) أَي بِصفتِهِ (ضَرُورِيًّا وَلَا يلْزم من كَونه) أَي الْعلم بهَا (ضَرُورِيًّا الشُّعُور بِهِ) أَي بِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا (بل الضَّرُورَة) أَي كَون الشَّيْء ضَرُورِيًّا (لَا تَسْتَلْزِم الْحُصُول) أَي حُصُول ذَلِك الشَّيْء فِي الْعقل وتصوره (بِوَجْه) مَا، لِأَن معنى كَونه ضَرُورِيًّا كَونه بِحَيْثُ لَا يحْتَاج إِلَى نظر (إِذْ يتَوَقَّف) الشُّعُور بِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا (على توجه النَّفس وتطبيق مَفْهُوم الضَّرُورِيّ الْمَشْهُور) أَي كَونه لَا يتَوَقَّف على نظر وَكسب (وَلَيْسَ المتوقف على ذَلِك) أَي التَّوَجُّه والتطبيق الْمَذْكُورين (نظريا) وَهُوَ ظَاهر (بل الْجَواب منع انْتِفَاء التَّالِي) فِي قَوْلهم: لَو كَانَ ضَرُورِيًّا علم ضروريته بِالضَّرُورَةِ والتالي: أَي لَكنا لَا نعلم كَونه ضَرُورِيًّا بِالضَّرُورَةِ مُنْتَفٍ فحاصل الْمَنْع أَنا لَا نسلم أَنه لَا نعلم ذَلِك بل هُوَ ضَرُورِيّ، ونعلم ضروريته على تَقْدِير التَّوَجُّه والتطبيق فَلم يخْتَلف (وَقد مر مثله) حَيْثُ قَالَ فِي فصل حجية السّنة ضَرُورِيَّة دينية، وَلَو أورد كَذَا الْحَاصِل ضَرُورَة يلْزمه إِلَى آخِره (وَالْحق أَن الضَّرُورَة لَا توجب عدم الِاخْتِلَاف فقد ينشأ) الِاخْتِلَاف لموجب (لَا من جهل الْمَفْهُوم) جهلا محوجا إِلَى النّظر. وَفِي بعض النّسخ لَا من جِهَة الْمَفْهُوم (بل من الْغَلَط بِظَنّ كل مُتَوَقف) علمه على الْعلم بِشَيْء آخر نظريا، وَهَذَا الظَّن غلط (وَقد انتظم الْجَواب) وَهُوَ قَوْله قَلما احْتِيَاجه إِلَى سبق الْعلم بذلك مَمْنُوع (دَلِيل الْمُخْتَار) وَهُوَ أَنه ضَرُورِيّ: يَعْنِي أَنه لم يذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>