للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّوق دناءة " وَفِي فروع الشَّافِعِيَّة المُرَاد بِهِ أَن تنصب مائدة وتأكل وَعَادَة مثله خِلَافه، فَلَو كَانَ مِمَّن عَادَته ذَلِك كَأَهل الصَّنَائِع والسماسرة أَو كَانَ فِي اللَّيْل فَلَا، وكالأكل فِي السُّوق الشّرْب من سقايات الْأَسْوَاق إِلَّا أَن يكون سوقيا أَو غَلبه الْعَطش (وَالْبَوْل فِي الطَّرِيق). قَالَ الشَّارِح كَذَا فِي شرح البديع، وَفِي إِبَاحَته نظر لما روى عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

" من سل سخيمته فِي طَرِيق من طرق الْمُسلمين فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ " وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا مُحَمَّد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ وَثَّقَهُ ابْن حبَان، وَضَعفه غَيره (والإفراط فِي المزح المفضى إِلَى الاستخفاف بِهِ وصحبة الأراذل وَالِاسْتِخْفَاف بِالنَّاسِ وَفِي إِبَاحَة هَذَا) أَي الاستخفاف بِالنَّاسِ (نظر) وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

" لَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من كبر " فَقَالَ رجل: أَن الرجل يحب أَن يكون ثَوْبه حسنا وَنَعله حسنه قَالَ " إِن الله جميل وَيُحب الْجمال، الْكبر بطر الْحق وغمط النَّاس " رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ، وغمط النَّاس: احتقارهم وازدراؤهم (وتعاطى الْحَرْف الدنيئة) بِالْهَمْز من الدناءة: وَهِي السقاطة الْمُبَاحَة (كالحياكة والصياغة) والحجامة والدباغة وَغَيرهَا مِمَّا لَا يَلِيق بأرباب المروآت وَأهل الديانَات فعلهَا وَلَا ضَرَر عَلَيْهِم فِي تَركهَا، وَفِي بعض فروع الشَّافِعِيَّة، فَإِن اعتادها وَكَانَت حِرْفَة أَبِيه فَلَا فِي الْأَصَح، وَفِي الرَّوْضَة يَنْبَغِي أَن لَا يُقيد بصنعة آبَائِهِ، بل ينظر هَل يَلِيق بِهِ هُوَ أم لَا (وَلبس الْفَقِيه قبَاء وَنَحْوه) كالقلنسوة التركية فِي بلد لم يعتادوه (وَلعب الْحمام) إِذا لم يكن قمارا، لِأَن الْغَالِب فِيهِ الِاجْتِمَاع مَعَ الأراذل: وَهُوَ فعل يستخف بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن من لم يجْتَنب هَذِه الْأُمُور لَا يجْتَنب الْكَذِب فِي الْكَذِب فَلَا يوثق بقوله (وَأما الْحُرِّيَّة وَالْبَصَر وَعدم الْحَد فِي قذف و) عدم (الْوَلَاء) أَي الْقَرَابَة من النّسَب أَو النِّكَاح على مَا بَين فِي الْفُرُوع (و) عدم (الْعَدَاوَة) الدُّنْيَوِيَّة (فتختص بِالشَّهَادَةِ) أَي يشْتَرط فِيهَا لَا فِي الرِّوَايَة فَلَا تقبل شَهَادَة الْأَعْمَى لِأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى التَّمْيِيز بِالْإِشَارَةِ بَين الْمَشْهُود لَهُ وَعَلِيهِ وَإِلَى الْإِشَارَة إِلَى الْمَشْهُود بِهِ فِيمَا يجب إِحْضَاره مجْلِس الحكم، وَفِي التَّمْيِيز بالنغمة شُبْهَة يُمكن التَّحَرُّز عَنْهَا بِجِنْس الشُّهُود، وَهَذَا الِاحْتِيَاج مُنْتَفٍ فِي الرِّوَايَة، وَقد ابتلى جمَاعَة من الصَّحَابَة بكف الْبَصَر: كَابْن عَبَّاس وَلم يخْتَلف أحد فِي قبُول روايتهم من غير فحص أَنَّهَا كَانَت قبل الْعَمى أَو بعده، وَلَا شَهَادَة للْعَبد فِي غير هِلَال رَمَضَان لتوقفها على كَمَال ولَايَة الشَّاهِد: إِذْ هِيَ تَنْفِيذ القَوْل على الْغَيْر شَاءَ أَو أَبى، وَهَذَا غير مَوْجُود فِي العَبْد لِأَنَّهَا تعدم بِالرّقِّ وَالرِّوَايَة لَا تعتمد الْولَايَة لِأَن وجوب الْعَمَل بالمروي لَيْسَ بإلزام الرَّاوِي، بل الْتِزَامه طَاعَة الشَّارِع، فَإِذا ترجح صدق الرَّاوِي يلْزمه الْعَمَل بِمُوجب ذَلِك، وَقد يُقَال: إِن الشَّارِع أمره بالانقياد لحكم القَاضِي عِنْد إِقَامَة الْبَيِّنَة وَقد الْتزم طَاعَته فَلَا فرق فَتَأمل (وَعَن أبي حنيفَة) فِي رِوَايَة الْحسن (نفى) قبُول (رِوَايَته) أَي الْمَحْدُود لِأَنَّهُ مَحْكُوم بِفِسْقِهِ لقَوْله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>