للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرْجَمَة عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل حنكه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعا لَهُ، وَلَا صُحْبَة لَهُ، بل وَلَا رُؤْيَة، وَذكر نَظَائِر هَذَا. وَخرج بقوله مُسلما من لقِيه كَافِرًا سَوَاء لم يسلم بعد ذَلِك أَو أسلم بعد حَيَاته. وَبِقَوْلِهِ وَمَات على إِسْلَامه من لقِيه مُسلما، ثمَّ ارْتَدَّ وَمَات على ردته كَعبد الله بن خطل إِذْ المُرَاد من يُسمى صحابيا بعد انْقِرَاض الصَّحَابَة (أَو) لقِيه (قبل النُّبُوَّة وَمَات قبلهَا على) الْملَّة (الحنيفية) يَعْنِي دين الْإِسْلَام (كزيد بن عَمْرو بن نفَيْل) فقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يبْعَث أمة وَاحِدَة ": وَذكره ابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة (أَو) لقِيه مُسلما (ثمَّ ارْتَدَّ وَعَاد) إِلَى الْإِسْلَام (فِي حَيَاته) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَعبد الله بن أبي سرح (وَأما) من لقِيه مُسلما ثمَّ ارْتَدَّ وَعَاد إِلَى الْإِسْلَام (بعد وَفَاته) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كقرة) بن هُبَيْرَة (والأشعث) بن قيس (فَفِيهِ نظر، وَالْأَظْهَر النَّفْي) لصحبته: لِأَن صحبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أشرف الْأَعْمَال، وَالرِّدَّة محبطة للْعَمَل عِنْد أبي حنيفَة وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْأُم، وَذهب بعض الْحفاظ إِلَى أَن الْأَصَح أَن اسْم الصُّحْبَة بَاقٍ للراجع إِلَى الْإِسْلَام سَوَاء رَجَعَ إِلَيْهِ فِي حَيَاته أم بعده، سَوَاء لقِيه ثَانِيًا أم لَا، وَيدل على رجحانه قصَّة الْأَشْعَث ابْن قيس فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّن ارْتَدَّ وَأتي بِهِ إِلَى الصّديق أَسِيرًا فَعَاد إِلَى الْإِسْلَام فَقبل مِنْهُ ذَلِك وزوجه أُخْته وَلم يتَخَلَّف أحد عَن ذكره فِي الصَّحَابَة. قَالَ الشَّارِح: وَالْأول أوجه دَلِيلا (و) عِنْد (جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ من طَالَتْ صحبته متتبعا مُدَّة يثبت مَعهَا إِطْلَاق صَاحب فلَان) عَلَيْهِ (عرفا بِلَا تَحْدِيد) لمقدارها (فِي الْأَصَح، وَقيل) مقدارها (سِتَّة أشهر) فَصَاعِدا (وَابْن الْمسيب) مقدارها (سنة أَو غَزْو) مَعَه، لِأَن لصحبة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرفا عَظِيما، فَلَا تنَال إِلَّا باجتماع طَوِيل يظْهر فِيهِ الْخلق المطبوع عَلَيْهِ الشَّخْص: كالسنة الْمُشْتَملَة على الْفُصُول الْأَرْبَعَة الَّتِي يخْتَلف فِيهَا المزاج، والغزو الْمُشْتَمل على السّفر الَّذِي هُوَ قِطْعَة من الْعَذَاب، وتسفر فِيهِ أَخْلَاق الرجل، وَيلْزم هَذَا أَن لَا يعد من الصَّحَابَة جرير بن عبد الله البَجلِيّ وَمن شَاركهُ فِي انْتِفَاء هَذَا الشَّرْط مَعَ أَنه لَا خلاف فِي كَونهم من الصَّحَابَة (لنا) على الْمُخْتَار قَول الْجُمْهُور (أَن الْمُتَبَادر من) إِطْلَاق (الصَّحَابِيّ وَصَاحب فلَان الْعَالم لَيْسَ إِلَّا ذَاك) أَي من طَالَتْ صحبته الخ (فَإِن قيل يُوجِبهُ) أَي كَون الصَّحَابِيّ من صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة (اللُّغَة) لاشتقاقه من الصُّحْبَة وَهِي تصدق على كل من صحب غَيره قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا (قُلْنَا) إِيجَابهَا ذَلِك (مَمْنُوع فِيمَا) أَي فِي مُشْتَقّ مِنْهَا متلبس (بياء النِّسْبَة وَلَو سلم) إِيجَاب اللُّغَة ذَلِك فقد تقرر فِي عرف اللُّغَة عدم اسْتِعْمَال هَذِه التَّسْمِيَة إِلَّا فِيمَن كثرت صحبته على مَا تقدم (فالعرف مقدم وَلذَا) أَي تقدمه على اللُّغَة (يتَبَادَر) هَذَا الْمَعْنى الْعرفِيّ من إِطْلَاقه (قَالُوا الصُّحْبَة تقبل التَّقْيِيد بِالْقَلِيلِ وَالْكثير، يُقَال صَحبه سَاعَة كَمَا يُقَال) صَحبه (عَاما فَكَانَ) وَضعهَا (للمشترك)

<<  <  ج: ص:  >  >>