يَعْنِي الصَّحَابِيّ بِظَاهِر الحَدِيث، وَقيل يجب حمله على مَا عينه الرَّاوِي. وَفِي شرح البديع وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا انْتهى. وَهُوَ اخْتِيَار المُصَنّف. وَقَالَ عبد الْجَبَّار وَأَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ إِن علم أَن الصَّحَابِيّ إِنَّمَا صَار إِلَى تَأْوِيله لعلمه بِقصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجب الْعَمَل بِهِ وَإِن جهل ذَلِك وَجَاز كَونه لدَلِيل ظهر لَهُ من نَص أَو قِيَاس أَو غَيرهمَا وَجب النّظر فِي ذَلِك الدَّلِيل فَإِن اقْتضى مَا ذهب إِلَيْهِ صير إِلَيْهِ، وَإِلَّا وَجب الْعَمَل بِالظَّاهِرِ (قُلْنَا) فِي جَوَاب الشَّافِعِي وَمن مَعَه (لَيْسَ يخفى عَلَيْهِ) أَي الصَّحَابِيّ الرَّاوِي (تَحْرِيم ترك الظَّاهِر إِلَّا لما يُوجِبهُ) أَي ترك الظَّاهِر (فلولا تيقنه) أَي الرَّاوِي (بِهِ) أَي بِمَا يجب تَركه (لم يتْركهُ وَلَو سلم) انْتِفَاء تيقنه بِهِ (فلولا أغلبيته) أَي الظَّن بِمَا يُوجب تَركه لم يتْركهُ (وَلَو سلم) انْتِفَاء أغلبية الظَّن لم يكن عِنْده إِلَّا مُجَرّد الظَّن (فشهوده) أَي الرَّاوِي (مَا هُنَاكَ) من قَرَائِن الْأَحْوَال عِنْد الْمقَال (يرجح ظَنّه) بالمراد على ظن غَيره (فَيجب الرَّاجِح) أَي الْعَمَل بِهِ (وَبِه) أَي بِشُهُود ذَلِك، أَو بِهَذَا التَّقْرِير (ينْدَفع تَجْوِيز خطئه بِظَنّ مَا لَيْسَ دَلِيلا دَلِيلا) لبعد ذَلِك مَعَ علمه بالموضوعات اللُّغَوِيَّة ومواضع اسْتِعْمَالهَا وَحَال الْمُتَكَلّم وعدالته المستدعية للتأمل فِي أَمر الدّين، (وَمِنْه) أَي من ترك الظَّاهِر لدَلِيل (لَا من الْعَمَل بِبَعْض المحتملات) كَمَا توهم (تَخْصِيص الْعَام) من الصَّحَابِيّ (يجب حمله) أَي التَّخْصِيص مِنْهُ (على سَماع الْمُخَصّص) وَمعنى حمله عَلَيْهِ إحالته إِلَيْهِ (كَحَدِيث ابْن عَبَّاس) مَرْفُوعا (من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ) رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره (وَأسْندَ أَبُو حنيفَة) عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن أبي النجُود عَن أبي رزين (عَنهُ) أَي ابْن عَبَّاس مَا مَعْنَاهُ (لَا تقتل الْمُرْتَدَّة) وَلَفظه لَا تقتل النِّسَاء إِذا هن ارتددن عَن الْإِسْلَام، لَكِن يحبسن ويدعين إِلَى الْإِسْلَام ويجبرن عَلَيْهِ (فَلَزِمَ) تَخْصِيص الْمُبدل بِكَوْنِهِ من الرِّجَال (خلافًا للشَّافِعِيّ) وَمَالك وَأحمد قَالُوا يقتل عملا بِعُمُوم الظَّاهِر (فَلَو كَانَ) الْمَرْوِيّ (مُفَسرًا وتسميه الشَّافِعِيَّة نصا على مَا سلف) فِي التَّقْسِيم الثَّانِي للفرد بِاعْتِبَار دلَالَته أَوَائِل الْكتاب (وَتَركه) أَي الصَّحَابِيّ ذَلِك الْمَرْوِيّ فَلم يعْمل بِهِ (بعد رِوَايَته لَا) يتَحَقَّق فِيهِ الحكم الْآتِي (إِن لم يعرف تَارِيخ) لتَركه وَرِوَايَته لَهُ فَلم يعلم أَن التّرْك مُتَأَخّر أَو الرِّوَايَة (تعين كَون تَركه لعلمه بالناسخ) إِذْ لَا يظنّ بِهِ أَن يُخَالف النَّص بِغَيْر دَلِيل هُوَ النَّاسِخ (فَيجب اتِّبَاعه) فِي ترك الْعَمَل بِهِ وَإِن جهل تَارِيخ الْمُخَالفَة للمروي حملت على أَنَّهَا كَانَت قبل الرِّوَايَة فَلَا يكون جرحا للْحَدِيث وَلَا للراوي لجَوَاز أَن يكون ذَلِك لعدم علمه بِهِ خلافًا للشَّافِعِيّ (وَبِه) أَي بتعين كَونه تَركه لعلمه بالناسخ (يتَبَيَّن نسخ حَدِيث السَّبع من الولوغ) وَهُوَ مَا فِي مُسلم وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ (إِذْ صَحَّ اكْتِفَاء) رِوَايَة (أبي هُرَيْرَة بِالثلَاثِ) كَمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد صَحِيح (فيقوي بِهِ) أَي باكتفائه بِالثلَاثِ الضَّعِيف (حَدِيث اغسلوه ثَلَاثًا وَمِمَّنْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) وَلَفظه يلغ فِي الْإِنَاء يغسل ثَلَاثًا أَو خمْسا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute