بذلك من غير نَكِير (وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل خبر الْهَدِيَّة من الْبر والفاجر) كقبول هَدِيَّة الْيَهُودِيَّة الشَّاة المسمومة، وَمن العَبْد كقبول هَدِيَّة سلمَان إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى، وَإِنَّمَا يقبل من الْكل (دفعا للْحَرج اللَّازِم من اشْتِرَاط الْعَدَالَة فِي الرَّسُول) إِذْ قَلما يُوجد الْمُسلم الْحر الْبَالِغ الْعدْل فِي الْأَوْقَات والأماكن ليَبْعَثهُ إِلَى وَكيله أَو غُلَامه فتتعطل الْمصَالح لَو شرطت (بِخِلَافِهِ) أَي اشْتِرَاطهَا (فِي الرِّوَايَة) فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى الْحَرج لِكَثْرَة الْعدْل فِي الْمُسلمين (وَإِن) كَانَ مَحل الْخَبَر حقوقا للعباد (فِيهَا) إِلْزَام للْغَيْر (لغير) من (وَجه) دون وَجه (كعزل الْوَكِيل) إِلْزَام من حَيْثُ إبِْطَال عمله فِي الْمُسْتَقْبل، وَلَيْسَ بإلزام من حَيْثُ أَن الْوَكِيل يتَصَرَّف فِي حَقه (وَحجر الْمَأْذُون) إِلْزَام للْعَبد بِاعْتِبَار خُرُوج تَصَرُّفَاته من الصِّحَّة إِلَى الْفساد بِالْحجرِ وَلَيْسَ بإلزام من أَن الْمولى يتَصَرَّف فِي حَقه (وَفسخ الشّركَة وَالْمُضَاربَة) إِلْزَام للشَّرِيك وَالْمُضَارب من حَيْثُ لُزُوم كفهما عَن التَّصَرُّف فِي الْمُسْتَقْبل، وَلَيْسَ إلزاما لكَون الفاسخ متصرفا فِي حق نَفسه (فالوكيل وَالرَّسُول فِيهَا) أَي فِي هَذِه الْحُقُوق بِأَن قَالَ الْمُوكل: وَكلتك بعزل فلَان أَو حجره أَو بِفَسْخ أَحدهمَا، أَو قَالَ الْمُرْسل: أرسلتك إِلَى فلَان لتبلغه عني أحد هَذِه الْمَذْكُورَات لَا بِأَن قَالَ الْمُوكل: وَكلتك بِأَن تخبر فلَانا بِالْعَزْلِ إِلَى آخِره كَمَا توهم الشَّارِح: إِذْ لَا معنى للتوكيل بالإخبار، وَلَيْسَ هَذَا غير الْإِرْسَال (كَمَا) أَي الْقسم الَّذِي (قبله) وَهُوَ مَا كَانَ مَحل الْخَبَر حقوقا بِلَا إِلْزَام، فِي أَنه لَا يشْتَرط فِي شَيْء مِنْهُمَا سوى التَّمْيِيز مَعَ صدق الْقلب (وَكَذَا الْفُضُولِيّ) إِذا تصرف فِي ملك الْغَيْر بإنشاء عقد، فَأخْبر ذَلِك الْغَيْر بذلك لَا يشْتَرط فِيهِ شَيْء سوى التَّمْيِيز والتصديق (عِنْدهمَا) أَي أبي يُوسُف وَمُحَمّد لكَونه من العاملات الَّتِي لَا الْتِزَام فِيهَا، فَلَا يتَوَقَّف على شُرُوط الشَّهَادَات دفعا للْحَرج (وَشرط) أَبُو حنيفَة (عَدَالَته أَو الْعدَد) بِأَن يكون الْفُضُولِيّ اثْنَيْنِ (لِأَنَّهُ) أَي هَذَا الْإِخْبَار عَن الْفُضُولِيّ (لإلزام الضَّرَر) من حَيْثُ التَّصَرُّف فِي ملك الْغَيْر (كالثاني) أَي الْقسم الثَّانِي، وَهُوَ مَا فِيهِ إِلْزَام مَحْض (ولولاية من) يتَوَصَّل الْفُضُولِيّ (عَنهُ فِي ذَلِك) التَّصَرُّف حَتَّى لَا ينفذ بِدُونِ إِجَازَته (كالثالث) وَهُوَ مَا لَا إِلْزَام فِيهِ (فتوسطنا) فِيهِ بالاكتفاء بِأحد شرطي الشَّهَادَة وَهُوَ الْعدَد أَو الْعَدَالَة إعمالا (للشبهين) وَالشَّارِح جعل قَوْله لإلزام الضَّرَر تعليلا لحكم عزل الْوَكِيل وَحجر الْمَأْذُون، وَقَوله ولولاية إِلَى آخِره تَعْلِيل للفضولي، وفساده ظَاهر وَقيل اشْتِرَاط الْعَدَالَة فِي الْفُضُولِيّ إِذا كَانَ وَاحِدًا عِنْد أبي حنيفَة مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْمَشَايِخ، وَعدم اشْتِرَاطهَا إِذا كَانَ اثْنَيْنِ قَول بعض الْمَشَايِخ (وأخبار من أسلم بدار الْحَرْب) بالشرائع (قيل الِاتِّفَاق) إِضَافَة أَخْبَار للْمَفْعُول، وَخَبره مَحْذُوف: أَي فِيهِ تَفْصِيل، وَقيل الِاتِّفَاق مستأنفة لبيانه: يَعْنِي اتَّفقُوا (على اشْتِرَاط الْعَدَالَة) أَي كَون الْمخبر بهَا عدلا (فِي) لُزُوم (الْقَضَاء) لما فِيهِ من الْفَرَائِض بعد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute