أَعنِي موجودين، وَقَوله للدلالة إِلَى آخِره دَال على الْجَزَاء الْمَحْذُوف والمشروط إِنَّمَا هُوَ الإضافتان الأخيرتان بِالْحَقِيقَةِ، أَشَارَ إِلَى مَا هُوَ الْمَشْهُور من أَن الْمُطَابقَة لَا تَسْتَلْزِم التضمن والالتزام، لجَوَاز أَن يكون مَا وضع لَهُ بسيطا لَا لَازم أَو مركب كَذَا (وَلها) أَي للدلالة (مَعَ كل) إِضَافَة (اسْم، فَمَعَ الأول) اسْمهَا (دلَالَة الْمُطَابقَة، وَمَعَ الثَّانِي دلَالَة التضمن، وَكَذَا الِالْتِزَام) أَي وَمَعَ إضافتها إِلَى اللَّازِم اسْمهَا دلَالَة الِالْتِزَام، وَالتَّعْبِير عَن الْإِضَافَة بِالْأولِ وَالثَّانِي بِاعْتِبَار كَونهَا مصدرا، (ويستلزم اجتماعها) أَي الدلالات الثَّلَاث (انتقالين) من لفظ (وَاحِد) مِنْهُ (إِلَى الْمَعْنى المطابقي والتضمني) وَإِنَّمَا قُلْنَا بوحدة الِانْتِقَال فيهمَا (لِأَن فهمه) أَي الْجُزْء (فِي ضمنه) أَي تَمام مَا وضع (لَا كظن) أَي كمظنون (شَارِح الْمطَالع) الْفَاضِل الْمَشْهُور قطب الدّين الرَّازِيّ من أَنه ينْتَقل الذِّهْن من اللَّفْظ إِلَى جُزْء مَا وضع لَهُ، ثمَّ مِنْهُ إِلَى تَمَامه، وَأَن الْمُطَابقَة تَابِعَة للتضمن فِي الْفَهم لسبق الْجُزْء فِي الْمَوْجُودين، وَمَا ذكره المُصَنّف رَحمَه الله إِشَارَة إِلَى مَا ذكره الْمُحَقق شَارِح الْمُخْتَصر القَاضِي عضد الدّين فِي الدّلَالَة اللفظية من أَنه ينْتَقل الذِّهْن من اللَّفْظ إِلَى الْمَعْنى ابْتِدَاء، وَهِي وَاحِدَة لَكِن رُبمَا تضمن الْمَعْنى الْوَاحِد جزءين فيفهم مِنْهُ الجزءان، وَهُوَ بِعَيْنِه فهم الْكل، فالدلالة على الْكل لَا تغاير الدّلَالَة على الجزءين مَعًا مُغَايرَة بِالذَّاتِ بل بِالْإِضَافَة وَالِاعْتِبَار، وَقرر هَذَا التَّحْقِيق الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ، ثمَّ قَالَ ومبني هَذَا التَّحْقِيق على أَن التضمن فهم الْجُزْء فِي ضمن الْكل، والالتزام فهم اللَّازِم بعد فهم الْمَلْزُوم، حَتَّى إِذا اسْتعْمل اللَّفْظ فِي الْجُزْء أَو اللَّازِم مَعَ قرينَة مَانِعَة عَن إِرَادَة الْمُسَمّى لم يكن تضمنا أَو التزاما بل مُطَابقَة لكَونهَا دَالَّة على تَمام الْمَعْنى: أَي مَا عَنى بِاللَّفْظِ وَقصد انْتهى بَيَان ذَلِك أَن دلَالَة اللَّفْظ بِوَضْعِهِ للمعنى فالعالم بِهِ إِذا فهم اللَّفْظ يتَوَجَّه قصدا بِمُقْتَضى علمه نَحْو الْمَوْضُوع لَهُ لَا إِلَى جزئه وَإِن كَانَ يتعقل قبل تعقل الْكل ضَرُورَة، لِأَن الذِّهْن غير مُتَوَجّه إِلَيْهِ قصدا، وَكَونه وَاسِطَة فِي الِانْتِقَال فرع توجه الذِّهْن إِلَيْهِ قصدا لَا يُقَال لم لَا يجوز أَن يكون مَقْصُود شَارِح الْمطَالع من كَون الْجُزْء وَاسِطَة فِي الِانْتِقَال مُقَدّمَة فِي التعقل لِأَن ذَلِك بديهي لَا يحْتَاج إِلَى الْبَيَان وَلَا تنَازع فِيهِ مَعَ أَنه شبه وساطته بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكل بوساطة الْمَوْضُوع لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنى الالتزامي (يَلِيهِ) أَي يَلِي ذَلِك الْوَاحِد انْتِقَال (آخر) من الْمَعْنى المطابقي (إِلَى) الْمَعْنى (الالتزامي لُزُوما) أَي لكَون الالتزامي لَازِما للمطابقي، وَإِنَّمَا صَار لُزُومه سَبَب الِانْتِقَال (لِأَنَّهُ) أَي اللُّزُوم هَهُنَا (بِالْمَعْنَى الْأَخَص) اللُّزُوم عِنْد المنطقيين يُطلق على مَعْنيين: أَحدهمَا أخص، وَهُوَ كَون اللَّازِم بِحَيْثُ يحصل فِي الذِّهْن كلما حصل الْمَلْزُوم فِيهِ، وَثَانِيهمَا الْأَعَمّ، وَهُوَ كَونه بِحَيْثُ إِذا تصور مَعَ الْمَلْزُوم يحكم الْعقل باللزوم بَينهمَا على الْفَوْر أَو بعد التَّأَمُّل، أما لعلاقة عقلية أَو لعرف خَاص أَو عَام وَمَا يجْرِي مجْرَاه والأخصية بِاعْتِبَار أَنه كلما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute