للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَاخْتلف الْمَشَايِخ فِيهِ، كَذَا أَفَادَ المُصَنّف انْتهى (قَالُوا) أَي المانعون: قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نضر الله امْرأ) سمع منا شَيْئا فَبلغ كَمَا سَمعه، فَرب مبلغ أوعى من سامع. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان وَغَيرهم، فحرض على نقل أصل الحَدِيث على الْوَجْه الَّذِي سَمعه وَهَذَا إِنَّمَا يتَحَقَّق إِذا رَوَاهُ بِلَفْظِهِ (قُلْنَا) قَوْله نضر الله الخ (حث على الأولى) فِي نَقله سَوَاء كَانَ دُعَاء: أَي جمله وزينه، أَو خَبرا عَن أَنه من أهل نَضرة النَّعيم قيل هُوَ بتَخْفِيف الضَّاد، والمحدثون يثقلونها. وَفِي الغريبين رَوَاهُ الْأَصْمَعِي بِالتَّشْدِيدِ وَأَبُو عبيد بِالتَّخْفِيفِ وَقيل مَعْنَاهُ حسن الله وَجهه فِي خلقه: أَي جاهه وَقدره. وَعَن الفضيل بن عِيَاض " مَا من أحد من أهل الحَدِيث إِلَّا وَفِي وَجهه نَضرة لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نضر الله الحَدِيث (فَأَيْنَ منع خِلَافه) أَي خلاف الأولى، وَهُوَ النَّقْل بِالْمَعْنَى. وَفِي الشَّرْح العضدي: وَيُمكن أَن يُقَال أَيْضا بِالْمُوجبِ، فَإِن من نقل الْمَعْنى أَدَّاهُ كَمَا سَمعه، وَلذَلِك يَقُول المترجم أديته كَمَا سمعته (فَإِن قيل هُوَ) أَي الْمَانِع من خِلَافه (قَوْله فَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ أَفَادَ أَنه) أَي الرَّاوِي (قد يقصر لَفظه) عَن اسْتِيعَاب مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ اللَّفْظ النَّبَوِيّ من الْأَحْكَام: إِذا الأفقه يدْرك مَا لَا يُدْرِكهُ غَيره (فَيَنْتَفِي أَحْكَام يستنبطها الْفَقِيه) بِوَاسِطَة نَقله بِالْمَعْنَى وقصور لَفظه (قُلْنَا غَايَته) أَي غَايَة تصور لَفظه عَن اسْتِيعَاب ذَلِك أَنه ك (نقل بعض الْخَبَر بعد كَونه حكما تَاما) وَهُوَ جَائِز كَمَا تقدم (وَقد يفرق) بَين هَذَا وَبَين حذف بعض الْخَبَر الَّذِي لَا تعلق لَهُ بِالْبَاقِي تعلقا يُغير الْمَعْنى (بِأَن لَا بُد) للحاذق (من نقل الْبَاقِي فِي عمره كي لَا تَنْتفِي الْأَحْكَام) المستفادة مِنْهُ (بِخِلَاف من قصر) لَفظه عَنْهَا (فَإِنَّهَا) أَي الْأَحْكَام الَّتِي لَيست بمستفادة مِنْهُ (تَنْتفِي) لعدم مفيدها (بل الْجَوَاز) أَي جَوَاز النَّقْل بِالْمَعْنَى (لمن لَا يخل) بِشَيْء من مقاصده (لفقهه قَالُوا) أَي المانعون أَيْضا: النَّقْل بِالْمَعْنَى (يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْلَال) بمقصود الحَدِيث (بِتَكَرُّر النَّقْل كَذَلِك) أَي بِالْمَعْنَى: يَعْنِي تجوزيه ينجر إِلَى التّكْرَار، وَفِي كل مرّة يحصل تَغْيِير لاخْتِلَاف الإفهام فيؤل إِلَى تَغْيِير فَاحش مفوت للمقصود (أُجِيب بِأَن) تَقْيِيد (الْجَوَاز) للنَّقْل بِالْمَعْنَى (بِتَقْدِير عَدمه) أَي عدم الْإِخْلَال بِالْمَقْصُودِ (يَنْفِيه). قَالَ الشَّارِح: أَي أَدَاء النَّقْل بِالْمَعْنَى، لِأَنَّهُ خلاف الْفَرْض انْتهى، وَلَا يفهم لَهُ معنى. فِي الشَّرْح العضدي الْجَواب أَن فرض تَغْيِير مَا فِي كل مرّة مِمَّا لَا يتَصَوَّر فِي مَحل النزاع، فَإِن الْكَلَام فِيمَن نقل الْمَعْنى سَوَاء من غير تَغْيِير أصلا، وَإِلَّا لم يجز اتِّفَاقًا. وَفِيه قد اخْتلف فِي جَوَاز نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى، والنزاع فِيمَن هُوَ عَارِف بمواقع الْأَلْفَاظ، وَأما غَيره فَلَا يجوز مِنْهُ اتِّفَاقًا انْتهى: فَالْمَعْنى انْتَفَى مَا ذكر من التأدية إِلَى الاخلال

<<  <  ج: ص:  >  >>