للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الِانْتِقَال) أَي فعندهم الدّلَالَة الوضعية هِيَ الَّتِي للوضع دخل فِي الِانْتِقَال من دالها إِلَى مدلولها (فتتحقق) الدّلَالَة على اصطلاحهم (فِي الْمجَاز) لدخل الْوَضع فِي الِانْتِقَال الْمجَازِي، لِأَن العلاقة بَين الْمَعْنى الْمجَازِي والموضوع لَهُ سَببه، وَعدم اعتبارهم اللُّزُوم الْكُلِّي بَين فهم الْمَعْنى وَفهم اللَّفْظ اكْتِفَاء باللزوم فِي الْجُمْلَة (والالتزامية بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ) أَي وتتحقق الدّلَالَة الالتزامية باللزوم بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ وَلَا يشْتَرط اللُّزُوم بِالْمَعْنَى الْأَخَص، وَقد مر تفسيرهما (ثمَّ اخْتلف الِاصْطِلَاح) للأصوليين فِي أَصْنَاف الدّلَالَة الوضعية بِاعْتِبَار مفهوماتها وأسمائها (وَفِي ثُبُوت بَعْضهَا) بِإِثْبَات بَعضهم قسما لم يُثبتهُ الْبَعْض الآخر كالمفهوم الْمُخَالف أثْبته الشَّافِعِيَّة لَا الْحَنَفِيَّة (أَيْضا، فالحنفية) أَي فَقَالَت الْحَنَفِيَّة (الدّلَالَة) الوضعية قِسْمَانِ (لفظية وَغير لفظية، وَهِي) أَي غير اللفظية (الضرورية) أَي الَّتِي أوجبت الضَّرُورَة الناشئة من الدَّلِيل اعْتِبَارهَا من غير لفظ يدل (ويسمونها) أَي الْحَنَفِيَّة (بَيَان الضَّرُورَة) أَي الْحَاصِل بِسَبَبِهَا، فَهُوَ من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى سَببه، وَأما تَسْمِيَة الدّلَالَة بَيَانا فباعتبار أَن موصوفها بَيَان لمدلوله (وَهِي) أَي الضرورية (أَرْبَعَة أَقسَام كلهَا دلَالَة سكُوت مُلْحق باللفظية) لِأَن السُّكُوت بمعاونة الْمقَام يَقْتَضِي اعْتِبَارهَا (الأول مَا يلْزم منطوقا) لِأَن السُّكُوت بِدُونِ اتصالها مَعَ الْمَنْطُوق وَلَا يُفِيد اعْتِبَارهَا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَورثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} دلّ سُكُوته) عَن ذكر نصيب الْأَب (أَن للْأَب الْبَاقِي) لِأَنَّهُ لَا شكّ أَن تعْيين نصِيبه مَقْصُود كتعيين نصيب الْأُم، فَإِن لم يكن الْبَاقِي لَهُ لَا يتَعَيَّن فَيلْزم عدم صِحَة السُّكُوت لَا يُقَال الْمَنْطُوق يدل على انحصار الْوَارِث فيهمَا وَتَعْيِين نصيب الْأُم، وَيلْزمهُ كَون الْبَاقِي للْأَب، فَهُوَ مَدْلُوله التزاما لأَنا نقُول: لَو سلم دلَالَته على الانحصار لَا نسلم كَونه دَالا عَلَيْهِ التزاما، لجَوَاز أَن يكون لَهُ بعض الْبَاقِي وَالْبَعْض الآخر يقسم بَينهمَا بطرِيق الرَّد، أَو يُعْطي لبيت المَال فَإِن قلت الْأَب عصبَة فَلَا يحْتَمل مَا ذكرت قلت الْكَلَام فِي دلَالَة اللَّفْظ، وَلَيْسَ الْمُخَاطب منحصرا فِيمَن يعلم قَوَاعِد الْفَرَائِض فاحتيج إِلَى أَن يُقَال لَو كَانَ نصِيبه بعض الْبَاقِي لما صَحَّ السُّكُوت عَن بَيَانه قَوْله - {وَورثه} - إِلَى آخِره مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف: أَي مِنْهَا، وَقَوله دلّ إِلَى آخِره اسْتِئْنَاف، وَكَذَا قَوْله (ودفعته) أَي النَّقْد (مُضَارَبَة) وَهِي عقد شركَة فِي الرِّبْح الْحَاصِل بِعَمَل الْمضَارب (على أَن لَك نصف الرِّبْح يُفِيد) سُكُوته (أَن الْبَاقِي) وَهُوَ النّصْف الآخر (للْمَالِك) وَيتَّجه هَهُنَا نَظِير الْإِيرَاد الْمَذْكُور وَلَيْسَ فِيهِ نَظِير ذَلِك الْجَواب، لِأَن الْبَاقِي من حَيْثُ أَنه نَمَاء ملكه يتَعَيَّن أَن يكون لَهُ: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال المُرَاد بِدلَالَة السُّكُوت مَا لم يكن الدَّال فِيهِ منطوقا، وملاحظة الْحَيْثِيَّة الْمَذْكُورَة كَذَلِك (وَكَذَا فِي قلبه اسْتِحْسَانًا) أَي وَمِنْهَا قَوْله دَفعته إِلَيْك مُضَارَبَة على أَن لي نصف الرِّبْح فَالْقِيَاس فَسَاده لعدم بَيَان نصيب الْمضَارب، وَالِاسْتِحْسَان صِحَّته، لِأَن الْمَنْطُوق دلّ على أَن نصيب الْمَالِك

<<  <  ج: ص:  >  >>