وَلم ينْسَخ إِلَى هَذَا الْيَوْم وَكَانَ ذَلِك متعسرا فَكَانَ يَكْتَفِي بِمُجَرَّد ثُبُوت كَونه مَشْرُوعا فِي شرع نَبِي، لِأَن الأَصْل عدم النّسخ فَيعْمل بِهِ مَا لم يتَعَلَّق الْعلم بالنسخ، وَنقل الشَّارِح عَن المُصَنّف مَا يُقَارب هَذَا (إِلَّا أَن يثبتا) أَي الشرعان أَمريْن (متضادين فبالأخيرة) أَي فَيجب حِينَئِذٍ أَن يعْمل بالشريعة الْمُتَأَخِّرَة للْعلم بِكَوْنِهَا ناسخة للأولى (فَإِن لم يعلم الْمُتَأَخر) من الشرعين (لعدم معلومية طَرِيقه) أَي الْأَخير (فبمَا ركن إِلَيْهِ) أَي فَهُوَ متعبد بِمَا اطْمَأَن قلبه إِلَيْهِ (مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا كقياسين) لَا رُجْحَان لأَحَدهمَا على الآخر وَالْحكم فِي الْقيَاس مَا ذكرُوا وَذَلِكَ (لعدم مَا بعدهمَا) أَي لعدم الْعلم بشرع ثَالِث (ونفاه) أَي تعبده قبل الْبعْثَة بشرع من قبله (الْمَالِكِيَّة). قَالَ القَاضِي وَعَلِيهِ جَمَاهِير الْمُتَكَلِّمين، ثمَّ اخْتلفُوا فمنعته الْمُعْتَزلَة عقلا. وَقَالَ القَاضِي وَغَيره من أهل الْحق وَيجوز وَلم يَقع. قَالَ المُصَنّف (والآمدي وَتوقف الْغَزالِيّ) وَنسب التَّوَقُّف السُّبْكِيّ إِلَى إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ والآمدي وَابْن الْأَنْبَارِي وَغَيرهم (لنا لم يَنْقَطِع التَّكْلِيف من بعثة آدم عُمُوما) أَي بعثا عَاما إِلَى كَافَّة النَّاس (كآدم ونوح وخصوصا) كشعيب إِلَى أهل مَدين وَأهل الأيكة (وَلم يتْركُوا) أَي النَّاس (سدى) أَي مهملين غير مأمورين وَلَا منهيين فِي زمن من الْأَزْمَان (قطّ فَلَزِمَ) التَّعَبُّد (كل من تأهل) لَهُ من الْعباد (وبلغه) مَا يتعبد بِهِ (وَهَذَا) الدَّلِيل (يُوجِبهُ) أَي التَّعَبُّد (فِي غَيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَيْضا (وَهُوَ كَذَلِك، وتخصيصه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اتفاقي. وَاسْتدلَّ) للمختار (بتضافر رِوَايَات صلَاته وصومه وحجه) أَي تعاونهما واجتماعهما. قَوْله بتظافر بالظاء الْمُعْجَمَة فِي النّسخ المصححة. وَقَالَ الشَّارِح بالضاد الْمُعْجَمَة (للْعلم الضَّرُورِيّ أَنه) أَي فعلهَا (لقصد الطَّاعَة وَهِي) أَي الطَّاعَة (مُوَافقَة الْأَمر) فَلَا يتَصَوَّر من غير شرع (وَالْجَوَاب أَن الضَّرُورِيّ قصد الْقرْبَة وَهِي) أَي الْقرْبَة (أَعم من مُوَافقَة الْأَمر والتنفل فَلَا يسْتَلْزم) الْقرْبَة (معينا) مِنْهُمَا (ظَاهرا) أَي لَيْسَ لُزُوم الْمعِين ظَاهرا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقرْبَة (فضلا عَن ضروريته) أَي كَونه ضَرُورِيًّا. (وَاسْتدلَّ أَيْضا بِعُمُوم كل شَرِيعَة) جَمِيع الْمُكَلّفين فيتناوله أَيْضا (وَمنع) عُمُوم كل شَرِيعَة، وَكَيف لَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه خَاصَّة وَبعثت إِلَى النَّاس عَامَّة انْتهى قلت وَفِي قَوْله تَعَالَى - {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} - إِشَارَة إِلَيْهِ. قَالَ (النَّافِي لَو كَانَ) متعبدا بشريعة من قبله (قَضَت الْعَادة بمخالطته أَهلهَا وَوَجَبَت) مخالطته لَهُم لأخذ الشَّرْع مِنْهُم (وَلم يفعل) ذَلِك، إِذْ لَو فعل لنقل لتوفر الدَّوَاعِي على نَقله (أُجِيب الملزم) للتعبد بِمَا إِذا علم أَنه شرع (إِذْ ذَاك) أَي قبل الْبعْثَة (التَّوَاتُر) لِأَنَّهُ الْمُفِيد للْعلم (وَلَا حَاجَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute