التَّعَارُض (بِأَنَّهُ تجوز بمسحهما) المفاد بعطفها على مَدْخُول امسحوا (عَن الْغسْل) مشاكلة كَمَا فِي قَول الشَّاعِر:
(قَالُوا اقترح شَيْئا نجد لَك طبخه ... قلت اطبخوا لي جُبَّة وقميصا)
لَا يُقَال يلْزم الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي لفظ وَاحِد أَي امسحوا لِأَن مُوجب الْعَطف تَقْدِير امسحوا فِي جَانب الْمَعْطُوف على مَا تقرر فِي مَحَله (والعطف فيهمَا) أَي عطف أَرْجُلكُم فِي الْقِرَاءَتَيْن (على رءوسكم) وَقيل فَائِدَة التَّعْبِير عَن غسلهمَا بِالْمَسْحِ الْإِشَارَة إِلَى ترك الْإِسْرَاف، لِأَن غسلهمَا مَظَنَّة لَهُ، لكَونه يصب المَاء عَلَيْهِمَا، كَأَنَّهُ قَالَ: اغسلوهما غسلا خَفِيفا شَبِيها بِالْمَسْحِ كَذَا ذكره الشَّارِح، وَفِيه أَن كَون الْقَصْد من غسل الْأَعْضَاء تحسينها على مَا عرف، وَأَن الرجلَيْن تحسينهما يحْتَاج إِلَى زِيَادَة الْمُبَالغَة فِي الْغسْل يَأْبَى عَن التَّوْجِيه الْمَذْكُور، وَإِنَّمَا لزم صرف الْعبارَة إِلَى التجويز ٠ لتواتر الْغسْل) لَهما (عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِذْ قد (أطبق) على (من حكى وضوءه) من الصَّحَابَة (ويقربون من ثَلَاثِينَ عَلَيْهِ) أَي على غسله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْهِ، وَقد أسعف المُصَنّف بِذكر الِاثْنَيْنِ وَعشْرين فِي شرح الْهِدَايَة، وَقَالَ الشَّارِح: بلغت الْجُمْلَة أَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ، وَيمْتَنع عِنْد الْعقل تواطؤ هَذَا الجم الْغَفِير من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْكَذِب فِي أَمر ديني، على أَن الْمسْح أَهْون على النَّفس (وتوارثه) أَي ولتوارث غسلهمَا (من الصَّحَابَة) أَي قد أَخذنَا عسلهما عَمَّن أدركناهم وهم كَذَلِك إِلَى الصَّحَابَة وهم عَن صَاحب الْوَحْي فَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى نَص معِين (وانفصال ابْن الْحَاجِب) أَي تجاوزه (عَن) تَوْجِيه (الْمُجَاورَة) أَي جر الأرجل بالمجاورة لقَوْله برءوسكم (إِذْ لَيْسَ) الْجَرّ بهَا (فصيحا) لعدم وُقُوعه فِي الْقُرْآن، وَلَا فِي كَلَام فصيح اسْتغْنَاء عَنْهَا (بتقارب الْفِعْلَيْنِ) أَي امسحوا واغسلوا (وَفِي مثله) أَي تقاربهما (تحذف الْعَرَب) الْفِعْل (الثَّانِي وَتعطف مُتَعَلّقه على مُتَعَلق) الْفِعْل (الأول) فَيجْعَل مُتَعَلق الْفِعْل الثَّانِي (كَأَنَّهُ مُتَعَلّقه) أَي الْفِعْل الأول كَقَوْلِهِم مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحا، وعلفتها تبنا وَمَاء بَارِدًا، إِذْ الأَصْل ومعتقلا رمحا وسقيتها مَاء بَارِدًا، وَالْآيَة من هَذَا الْقَبِيل (غلط) خبر انْفِصَال (إِذْ لَا يُفِيد) مَا ذكر تقَارب الْفِعْلَيْنِ إِلَى آخِره (إِلَّا فِي اتِّحَاد إعرابهما) أَي إِلَّا إِذا كَانَ إِعْرَاب المتعلقين وَاحِدًا كَمَا سَيَأْتِي فِي سَيْفا ورمحا وتبنا وَمَاء (وَلَيْسَت الْآيَة مِنْهُ) أَي مِمَّا اتَّحد فِيهِ إِعْرَاب الْفِعْلَيْنِ فَلَا ينحيه من الْجوَار، وَفِي نُسْخَة (فَلَا يخرج عَن الْجوَار، وَمَا قيل) على مَا فِي التَّلْوِيح (فِي) حق (الْغسْل) من أَنه (الْمسْح) وَزِيَادَة (إِذْ لَا إسالة) وَهِي معنى الْغسْل (بِلَا إِصَابَة) وَهِي معنى الْمسْح (فينتظمه) أَي الْغسْل الْمسْح (غلط) يظْهر (بِأَدْنَى تَأمل) إِذْ الإسالة مُعْتَبرَة مَعَ الْإِصَابَة فِي الْغسْل وَعدمهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute