عَاما بِاعْتِبَار جِهَة وخاصا بِاعْتِبَار أُخْرَى، وَالْآخر على عَكسه بِأَن يكون خَاصّا بِاعْتِبَار مَا كَانَ بَينهمَا عُمُوما من وَجه (مثل لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِالْفَاتِحَةِ) وَلَفظ الصَّحِيحَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب فَإِن هَذَا (عَام فِي الْمُصَلِّين) لِأَن الْمَعْنى لَا صَلَاة لكل مصل لم يقْرَأ بهَا ضَرُورَة كَون كلمة من من صِيغ الْعُمُوم (خَاص فِي المقروء) إِذْ الْفَاتِحَة اسْم لسورة مَخْصُوصَة (وَمن كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة) أخرجه ابْن منيع بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم فَإِن هَذَا (خَاص بالمقتدى) لَيْسَ المُرَاد بالخاص مَا يُقَابل الْمجَاز الاصطلاحي إِذْ لَا فرق بَين من كَانَ بِإِمَام وَبَين من لم يقْرَأ فِي الْعُمُوم الاصطلاحي، بل المُرَاد أَنه يَشْمَل المقتدى فَقَط بِخِلَاف من لم يقْرَأ، فَإِنَّهُ يعمه وَغَيره (عَام فِي المقروء) إِذْ يعم كل مَا يقْرَأ الإِمَام فَاتِحَة كَانَ أَو غَيره (فَإِن خص عُمُوم الْمُصَلِّين) فِي لَا صَلَاة (بالمقتدى) وَيُقَال أَن المُرَاد بالمصلين هُنَاكَ من عدا المقتدى (عَن وُجُوبهَا) أَي حكم وجوب الْفَاتِحَة (عَلَيْهِ) أَي على المقتدى فَلَا يجب عَلَيْهِ (وَجب أَن يخص خُصُوص المقروء) فِي الحَدِيث الأول (وَهُوَ) أَي المقروء (الْفَاتِحَة عُمُوم المقروء الْمَنْفِيّ) فِي الحَدِيث الثَّانِي (عَن المقتدى) إِذْ جعل قِرَاءَة الإِمَام قِرَاءَة لَهُ تفِيد أَن لَا يقْرَأ بِنَفسِهِ (فَتجب عَلَيْهِ الْفَاتِحَة فيتدافعان) أَي الدليلان فِي المقتدى، أوجب الأول عَلَيْهِ قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَنفى الثَّانِي وُجُوبهَا عَلَيْهِ تَوْضِيحه أَن الأول نفى صَلَاة كل مصل بِدُونِ الْفَاتِحَة فَلَزِمَ نفى صَلَاة المقتدى بِدُونِهَا ضمنا فأوجبها عَلَيْهِ، وَالثَّانِي نفى جنس الْقِرَاءَة عَنهُ فنفى وجوب الْفَاتِحَة بِخُصُوصِهِ فَعِنْدَ ذَلِك يطالبنا الْخصم بِمثل هَذِه الْمُعَامَلَة ومثبته هَذَا بِخُصُوصِهِ (فَالْوَجْه فِي هَذَا) الْمِثَال (أَن) يُقَال (لَا تعَارض) بَين الدَّلِيلَيْنِ الْمَذْكُورين (إِذْ لم ينف) الدَّلِيل الثَّانِي (قرَاءَتهَا) أَي وجوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة (على المقتدين بل ثَبت أَن قِرَاءَة الإِمَام جعلت شرعا قِرَاءَة لَهُ) أَي المقتدى (بِخِلَاف النَّهْي عَنْهَا) أَي الصَّلَوَات (فِي الْأَوْقَات) الثَّلَاثَة: وَقت طُلُوع الشَّمْس حَتَّى ترْتَفع، وَوقت استوائها حَتَّى تَزُول، وَوقت ميلها إِلَى الْغُرُوب حِين تغرب. لما فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره (مَعَ من نَام عَن صَلَاة) فليصلها إِذا ذكرهَا أخرجه بِمَعْنَاهُ مُسلم (وَفِي بعض كتب الشَّافِعِيَّة) كشرح منهاج الْبَيْضَاوِيّ للأسنوي (يطْلب التَّرْجِيح فيهمَا) أَي المتعارضين اللَّذين بَينهمَا عُمُوم من وَجه (من خَارج وَكَذَا يجب للحنفية) أَي يطْلب التَّرْجِيح فيهمَا من خَارج لِأَن كلا أَخذ مُقْتَضى خصوصه فِي عُمُوم الآخر ثمَّ وَقع التَّعَارُض بَينهمَا (وَالْمحرم مُرَجّح) على غَيره، وَحَدِيث النهى محرم وَحَدِيث من نَام مُطلق فيترجح (وَمَا جرى بِحَضْرَتِهِ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَسكت) عَنهُ يتَرَجَّح (على مَا بلغه) فَسكت عَنهُ ذكره الْآمِدِيّ (وَالْوَجْه تَقْيِيده)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute