للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على إِزَالَة مَا ثَبت يُطلق على إِزَالَة احْتِمَال وجود شَيْء بِسَبَب وجود مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهرا كَمَا فِي الشَّرْط وَالِاسْتِثْنَاء، فَإِن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقتضى التَّنْجِيز لَوْلَا الشَّرْط وَالْأَمر بقتل الْمُشْركين يقتضى قتل أهل الذِّمَّة لَوْلَا الِاسْتِثْنَاء، وَالْحكم المغيا كَانَ ظَاهره أَن يَشْمَل مَا بعد الْغَايَة لولاها، لِأَن الأَصْل فِي الشَّيْء الثَّابِت الاستمراز، على أَن الِاحْتِرَاز قد يُرَاد بِهِ رفع توهم دُخُول مَا لَيْسَ من أَفْرَاد الْمُعَرّف، وَقيل أَنه احْتِرَاز عَن الحكم الْمُؤَقت بِوَقْت خَاص، فَإِنَّهُ لَا يَصح نُسْخَة قبل انتهائه، وَلَا يتَصَوَّر بعد انتهائه، وَعَن الحكم الْمُقَيد بالتأييد، كَذَا ذكره الشَّارِح وَلَا يخفى مَا فِيهِ وَقَالَ انْدفع بقولنَا الحكم الشَّرْعِيّ مَا كَانَ رفعا للْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة قبل وُرُود الشَّرْع عِنْد الْقَائِل بهَا، فَإِنَّهُ لَا يُسمى نسخا اتِّفَاقًا، لَا يُقَال خرج مِنْهُ مَا نسخ لَفظه وَبَقِي حكمه، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَفْع حكم، بل لفظ لِأَنَّهُ مُتَضَمّن لرفع أَحْكَام كَثِيرَة كالتعبد بتلاوته وَمنع الْجنب إِلَى غير ذَلِك فَتَأمل (و) انْدفع (بالأخير) أَي ابْتِدَاء (مَا) أَي رفع تعلقه (بِالْمَوْتِ وَالنَّوْم) وَالْجُنُون وَنَحْوهَا، وبانعدام الْمحل كذهاب الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ (لِأَنَّهُ) أَي الرّفْع فِي هَذِه الْأَشْيَاء (لعَارض) من هَذِه الْعَوَارِض لَا ابْتِدَاء بخطاب شَرْعِي وَأورد بِأَن رفع تعلق الحكم بِالنَّوْمِ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة: عَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ ": الحَدِيث. وَقد يُجَاب بِأَن هَذَا الحَدِيث مَبْنِيّ على الْعَارِض وإخبار عَمَّا رفع لعَارض، وَالْمرَاد بقوله ابْتِدَاء مَا لَا يكون لعَارض فَتَأمل (وَيعلم التَّأَخُّر من الرّفْع) فِي الشَّرْح العضدي بعد تَعْرِيف النّسخ بِرَفْع الحكم الشَّرْعِيّ بِدَلِيل شَرْعِي مُتَأَخّر، وَقَوله مُتَأَخّر ليخرج، نَحْو: صل عِنْد كل زَوَال إِلَى آخر الشَّهْر وَإِن كَانَ يُمكن أَن يُقَال أَنه لَيْسَ يرفع التَّوَهُّم مِمَّا يقْصد فِي الْحُدُود انْتهى. وَالْمُصَنّف ترك ذكر الدَّلِيل الشَّرْعِيّ لِأَن رفع تعلق الحكم الشَّرْعِيّ لَا يُمكن بِدُونِهِ فَذكره مُسْتَلْزم لذكره وَكَون ذَلِك الدَّلِيل مُتَأَخِّرًا عَن الحكم الْمَرْفُوع تعلقه يعلم من مَفْهُوم الرّفْع لِأَنَّهُ فرع وجوده السَّابِق، وَفسّر الشَّارِح التَّأَخُّر بالتراخي وَلَيْسَ بجيد إِذْ الرّفْع لَا يدل عَلَيْهِ وَلَا يلْزمه، ثمَّ قَالَ وَإِنَّمَا فسر التَّأَخُّر بالتراخي لِأَن الْمُتَأَخر قد يكون مُخَصّصا نَاسِخا كالاستثناء والمخصص الأول انْتهى.

وَأَنت خَبِير بِأَن الِاسْتِثْنَاء قد خرج بِمُطلق والمخصص الأول لم يرفع تعلق الحكم بل بَين أَن مَا خصص بِهِ لم يكن مُتَعَلّقه (والسمعي المستقل) بِنَفسِهِ (دَلِيله) أَي الرّفْع الَّذِي هُوَ النّسخ (وَقد يَجْعَل) النّسخ (إِيَّاه) أَي الدَّلِيل (اصْطِلَاحا) كَمَا وَقع (فِي قَول إِمَام الْحَرَمَيْنِ) هُوَ (اللَّفْظ الدَّال على ظُهُور انْتِفَاء شَرط دوَام الحكم الأول) فِي الشَّرْح العضدي مَعْنَاهُ أَن الحكم كَانَ دَائِما فِي علم الله دواما مَشْرُوطًا بِشَرْط لَا يُعلمهُ إِلَّا هُوَ، وَأجل الدَّوَام أَن يظْهر انْتِفَاء ذَلِك بِالشّرطِ الْمُكَلف فَيَنْقَطِع الحكم وَيبْطل دَوَامه، وَمَا ذَلِك إِلَّا بتوفيقه تَعَالَى إِيَّاه، فَإِذا قَالَ قولا دَالا

<<  <  ج: ص:  >  >>