حكما معينا فِي مَحل الإجتهاد يُصِيبهُ تَارَة ويخطئه أُخْرَى، وَلَيْسَ كل مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد حكم الله تَعَالَى فِي نفس الْأَمر (لَو كَانَ الحكم) أَي خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِفعل العلد هُوَ عبن (مَا) أدّى الِاجْتِهَاد (إِلَيْهِ كَانَ) الْمُجْتَهد (بظنه) الْحَاصِل بِالِاجْتِهَادِ (يقطع بِأَنَّهُ) أَي المظنون الَّذِي أدّى إِلَيْهِ (حكمه تَعَالَى) (مَشْرُوط بِبَقَاء ظَنّه) الْحَاصِل بِالِاجْتِهَادِ، لِأَن الَّذِي علم قطعا أَن مطنونه عين حكم الله تَعَالَى فِي حَقه كَيفَ يتَصَوَّر أَن يتَحَوَّل عَنهُ بِأَن يشك فِيهِ أَو يظنّ خِلَافه فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون قطعه بِكَوْن المظنون حكم الله تَعَالَى فِي حَقه مُقَيّدا بِعَدَمِ طروّ مَا ينافى ذَلِك الظَّن من شكّ أوظن بِخِلَافِهِ، وَعند طروه يتَغَيَّر حكم الله تَعَالَى فِي حَقه إِلَى بدل أَن تعلق ظَنّه بِخِلَاف مُتَعَلق الظَّن الأول أَولا إِلَى بدل أَن لم يتَعَلَّق قلت: يلْزم حِينَئِذٍ تعدد حكم الله تَعَالَى فِي حَادِثَة وَاحِدَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى شخص وَاحِد والنسخ، وسيجئ تَفْصِيله (والاجماع) مُنْعَقد (على جَوَاز تغيره) أَي الظَّن الْمَذْكُور بِأحد الْوَجْهَيْنِ (وَوُجُوب الرُّجُوع) عَن الظَّن الْمَذْكُور مَعْطُوف على مَدْخُول على الْمُتَعَلّقَة بالاجماع (وَأَنه) أَي الْمُجْتَهد (لم يزل عِنْد ذَلِك الْقطع) أَي لاقطع بِأَنَّهُ حكمه تَعَالَى. قَوْله أَنه لم يزل مَعْطُوف على بَقَاء ظَنّه، وَالْمرَاد بِاشْتِرَاط الْقطع بِكَوْنِهِ لم يزل عِنْد ذَلِك الْقطع للْقطع بِأَنَّهُ حكم الله تَعَالَى فِي حَقه بهت، لِأَن الْعلم الْقطعِي لَا يتَغَيَّر: وَهَذَا أظهر من حَيْثُ الْعبارَة، لَكِن القَاضِي عضد الدّين صدر بِهِ فِي شرح الْمُخْتَصر بِالْمَعْنَى الأول (فيجتمع الْعلم) الْقطعِي بِأَنَّهُ حكم الله تَعَالَى (وَالظَّن) بِأَنَّهُ حكمه تَعَالَى (فيجتمع النقيضان: تَجْوِيز النقيض) اللَّازِم لحقيقة الظَّن الْمُتَعَلّق بِأَنَّهُ حكم الله تَعَالَى (وَعَدَمه) أَي عدم تَجْوِيز النقيض اللَّازِم لحقيقة الْعلم وَالْقطع بِأَنَّهُ حكمه، وَيحْتَمل أَن يُرَاد الْعلم وَالظَّن المتعلقان بِمَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد ومآ لَهما وَاحِد حَاصِل الِاسْتِدْلَال أَن كَون مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد حكم الله تَعَالَى فِي حَقه يسْتَلْزم الْقطع المستلزم للمحظورات الثَّلَاث لُزُوم بَقَاء الظَّن والاجماع على عدم لُزُومه واستمرار الْقطع المزيل للظن وانكار بَقَاء الظَّن بهت، واجتماع الْعلم وَالظَّن المستلزم لِاجْتِمَاع النقيضين (وإلزام كَونه) أَي كَون اجْتِمَاع النقيضين (مُشْتَرك الالزام) بِأَن الاجماع مُنْعَقد على وجوب اتِّبَاع الظَّن، فَيجب الْفِعْل إِذا ظن الْوُجُوب قطعا، وَيحرم إِذا ظن الْحُرْمَة قطعا، ثمَّ شَرط الْقطع بَقَاء الظَّن بِمَا ذكرْتُمْ، فليلزم الظَّن وَالْقطع مَعًا، ويجتمع النقيضان (مُنْتَفٍ) خبر الْمُبْتَدَأ (لاخْتِلَاف مَحل الظَّن) أَي مُتَعَلّقه على الْمَذْهَب الْحق (وَهُوَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute