فِي كل نسخ (وَإِنَّمَا ذَاك) أَي نفي النّسخ (فِي الْمُعَارضَة الْمَحْضَة) بَين الظنيين من غير تَأَخّر أَحدهمَا (وَأما نسخه) أَي الْقيَاس (قِيَاسا آخر بنسخ حكم أَصله) أَي الآخر (مَعَ) وجود (عِلّة الرّفْع الثَّابِتَة فِي الْفَرْع على مَا قيل فَفِيهِ نظر عندنَا) تَفْسِيره مَا أَفَادَهُ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي حَاشِيَته على الشَّرْح العضدي بقوله، وَصُورَة ذَلِك أَن ينْسَخ حكم الأَصْل بِنَصّ مُشْتَمل على عِلّة متحققة فِي الْفَرْع فَينْسَخ حكم الْفَرْع أَيْضا بِالْقِيَاسِ على الأَصْل فَيتَحَقَّق قِيَاس نَاسخ وَآخر مَنْسُوخ: مِثَاله أَن يثبت حُرْمَة الرِّبَا فِي الذّرة بِقِيَاس على الْبر مَنْصُوص الْعلَّة ثمَّ ينْسَخ حُرْمَة الرِّبَا فِي الْبر تنصيصا على عِلّة مُشْتَركَة بَينه وَبَين الذّرة، فيقاس عَلَيْهِ وترفع حُرْمَة الرِّبَا فِيهَا فَيكون نسخا للْقِيَاس بِالْقِيَاسِ أه فعلة الرّفْع الثَّابِتَة فِي الْفَرْع عبارَة عَن الْعلَّة المنصوصة فِي الْقيَاس الثَّانِي فَإِنَّهَا مَوْجُودَة على هَذَا التَّصْوِير فِي الْفَرْع الَّذِي هُوَ الذّرة، ثمَّ بَين وَجه النّظر بقوله (إِذْ لَا نجيز الْقيَاس) الْمُرَتّب (لعدم حكم) وَالْقِيَاس الثَّانِي فِي التَّصْوِير الْمَذْكُور من هَذِه الْقَبِيل (كَمَا سَيعْلَمُ) فِي المرصد الثَّانِي فِي شُرُوط الْعلَّة (وَلَا يُعلل) الحكم (النَّاسِخ) من حَيْثُ أَنه نَاسخ، وَألا يلْزم تَعديَة النّسخ إِلَى حكم آخر مشارك لَهُ فِي تِلْكَ الْعلَّة لحكم مماثل للمنسوخ عِنْد إِلْغَاء خُصُوصِيَّة النَّاسِخ والمنسوخ، وَلما كَانَ قَوْله مَعَ عِلّة الرّفْع الثَّابِتَة فِي الْفَرْع على مَا قيل بِظَاهِرِهِ مُخَالف هَذَا دَفعه بقوله (وَمَا فَرْضه الْقَائِل) الْمشَار إِلَيْهِ بقوله كَمَا قيل (لَا يكون غير بَيَان وَجه انْتِهَاء الْمصلحَة) فِي شرح حكم الأَصْل للْقِيَاس الْمَنْسُوخ فَلَا يكون تعليلا للناسخ بِأَن يبين مثلا أَن الْمصلحَة الَّتِي كَانَت منشأ حُرْمَة الرِّبَا فِي الْبر انْتَهَت وَصَارَت الْمصلحَة فِي عدم حرمته، وَالْفرق بَين الْمصلحَة وَالْعلَّة سَيَأْتِي فِي مبَاحث الْقيَاس (وَهُوَ) أَي بَيَان وَجه انْتِهَاء الْمصلحَة (مَعْلُوم فِي كل نسخ فَلَو اعْتبر ذَلِك) أَي بَيَان وَجه انتهائها وَجعل تعليلا للناسخ (كَانَ) النَّاسِخ (مُعَللا دَائِما) وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع (وَإِنَّمَا يتَصَوَّر) نسخ الْقيَاس شرعا (عندنَا بشرعية بدل) غير حكم الأَصْل (فِيهِ) أَي فِي الأَصْل (يضاد) الحكم (الأول فيستلزم) شرع ذَلِك (رفع حكمه) الأول وَحِينَئِذٍ (فقد يُقَال بِمُجَرَّد رفع حكم الأَصْل أهْدر الْجَامِع) بَين الأَصْل وَالْفرع (فيرتفع حكم الْفَرْع بِالضَّرُورَةِ وَلَا أثر للْقِيَاس فِيهِ) أَي فِي ارْتِفَاع حكم الْفَرْع، وَإِنَّمَا الْأَثر بشرعية ضد حكم الأَصْل فِيهِ المستلزم رفع حكمه الأول المستدعى إهدار الْجَامِع الْمُرَتّب عَلَيْهِ ارْتِفَاع حكم الْفَرْع (وأغنى هَذَا) الْبَيَان (عَن) وضع (مسئلتها) أَي الصُّورَة الْمَذْكُورَة (وَتَمَامه) أَي هَذَا الْبَحْث (فِي) المسئلة (الَّتِي تَلِيهَا) أَي هَذِه المسئلة، وَنقل الشَّارِح عَن الْأَبْهَرِيّ أَن مِثَال نسخ الْقيَاس بِالْقِيَاسِ اتِّفَاقًا أَن ينص الشَّارِع على خلاف حكم الْفَرْع فِي مَحل يكون قِيَاس الْفَرْع عَلَيْهِ أقوى انْتهى وَلَا يخفى عَلَيْك أَن تحقق النّسخ فِي هَذَا التَّصْوِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute