وهم، فإمام الْحَرَمَيْنِ لَا يعْتَبر إِلَّا نقرض ألبته بل يفرق بَين الْمُسْتَند إِلَى قَاطع وَغَيره، فَلَا يشْتَرط فِيهِ تمادي زمَان (وَقيل) يشْتَرط الانقراض (فِي السكوتي) وَهُوَ مَا كَانَ بفتوى الْبَعْض وسكوت البَاقِينَ وَهُوَ مَذْهَب أبي إِسْحَاق الأسفرايني وَبَعض الْمُعْتَزلَة، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ، ثمَّ من المشترطين من اشْتِرَاط انْقِرَاض جَمِيع أَهله، وَمِنْهُم من اشْترط انْقِرَاض أَكْثَرهم فَإِن بَقِي من لَا يَقع الْعلم بِصدق خَبره كواحد واثنين لم يعْتَبر بِبَقَائِهِ، ثمَّ قَالَ الْغَزالِيّ قيل يَكْتَفِي بموتهم تَحت هدم دفْعَة إِذْ الْغَرَض انْتِهَاء أعمارهم عَلَيْهِ، والمحققون لَا بُد من انْقِضَاء مُدَّة تفِيد فَائِدَة فَإِنَّهُم قد يجمعُونَ على رَأْي وَهُوَ معرض للتغيير، ثمَّ الْقَائِلُونَ بالاشتراط. مِنْهُم من شَرط فِي انْعِقَاد، وَمِنْهُم فِي كَونه حجَّة. وَاخْتلف فِي فَائِدَة هَذَا الِاشْتِرَاط، فَأَحْمَد وَمن وَافقه جَوَاز رُجُوع المجمعين أَو بَعضهم قبل الانقراض وَلَو أَجمعُوا فانقرضوا مصرين على مَا قَالُوا كَانَ إِجْمَاعًا وَإِن خالفهم الْمُجْتَهد اللَّاحِق فِي زمانهم، وَذهب الْبَاقُونَ إِلَى أَنَّهَا جَوَاز الرُّجُوع وَإِدْخَال من أدْرك عصرهم من الْمُجْتَهدين فِي إِجْمَاعهم، ثمَّ لَا يشْتَرط انْقِرَاض عصر الْمدْرك الْمدْخل فِي إِجْمَاعهم وَإِلَّا لم يتم إِجْمَاع أصلا كَمَا نَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغَيره عَنْهُم (لنا) الْأَدِلَّة (السمعية توجبها) أَي حجَّة الْإِجْمَاع (بِمُجَرَّدِهِ) أَي بِمُجَرَّد اتِّفَاق مجتهدي عصر وَلَو فِي لَحْظَة، إِذْ الحجية تترتب على نفس الْإِجْمَاع وَهُوَ عبارَة عَن الِاتِّفَاق الْمَذْكُور فالاشتراط لَا مُوجب لَهُ، بل الْأَدِلَّة توجب خِلَافه (قَالُوا) أَي المشترطون (يلْزم) عدم اشْتِرَاطه (منع الْمُجْتَهد عَن الرُّجُوع) عَن ذَلِك الحكم (عِنْد ظُهُور مُوجبه) أَي الرُّجُوع (خَبرا) كَانَ الْمُوجب (أَو غَيره) وَاللَّازِم بَاطِل أما إِذا كَانَ خَبرا فلاستلزامه ترك الْعَمَل بالْخبر الصَّحِيح وَأما إِذا كَانَ عَن اجْتِهَاد فَلِأَنَّهُ لَا حجر على الْمُجْتَهد فِي الرُّجُوع عِنْد تغير الِاجْتِهَاد اتِّفَاقًا فِي غير الْمُتَنَازع فِيهِ فَهُوَ مُلْحق بِهِ (أُجِيب) وجود الْخَبَر مَعَ غَفلَة الْكل عَنهُ (بعيد بعد فحصهم) عَنهُ، والذهول عَنهُ بعد الِاطِّلَاع الْكَائِن بعد الفحص أبعد (وَلَو سلم) وجوده بعد ذَلِك (فَكَذَا) يُقَال للمشترطين إجماعكم بعد الانقراض لَيْسَ بِحجَّة وَإِلَّا لزم إِلْغَاء الْخَبَر الصَّحِيح إِذا اطلع عَلَيْهِ من بعدهمْ (فَهُوَ) أَي هَذَا الْإِلْزَام (مُشْتَرك) بَيْننَا وَبَيْنكُم فَمَا هُوَ جوابكم فَهُوَ جَوَابنَا، وَهَذَا جَوَاب جدلي (والحل) أَي حل شبهتهم بِحَيْثُ تضمحل (يجب ذَلِك) أَي إِلْغَاء الْخَبَر الصَّحِيح الْمُخَالف للمجمع عَلَيْهِ تَقْدِيمًا للقاطع وَهُوَ الْإِجْمَاع على مَا لَيْسَ بقاطع وَهُوَ الْخَبَر، وَلَا نسلم أَنه لَيْسَ بممنوع من الرُّجُوع من اجْتِهَاده الْمجمع عَلَيْهِ (وَلذَا) أَي التَّقْدِيم الْقَاطِع. قَالَ الشَّارِح: أَي كَون الرُّجُوع عِنْد ظُهُور مُوجبه لَيْسَ مُطلقًا بباطل، بل فِيمَا إِذا انْعَقَد الْإِجْمَاع عَلَيْهِ انْتهى، وسيظهر لَك مَا فِيهِ. (قَالَ عُبَيْدَة) بِفَتْح الْعين السَّلمَانِي (لعَلي) رَضِي الله عَنهُ (حِين رَجَعَ) عَليّ عَن عدم جَوَاز بيع أُمَّهَات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute