مسئلة لم يَقع ذكرهَا بَين الْعلمَاء، وَفِي الزَّمَان السَّابِق وَلَيْسَ لأحد مِنْهُم قَول فِيهَا (إِذْ) لَو (كَانَ عدم القَوْل قولا بِالْعدمِ) أَي بِعَدَمِ القَوْل على ذَلِك التَّقْدِير، فَذَلِك بَاطِل إِجْمَاعًا فَإِن قلت فرق بَين أَن لم يكن للمسئلة ذكر أصلا، وَبَين أَن يَقع الِاجْتِهَاد فِي طلب الثَّوَاب فِيهَا. ثمَّ ينْحَصر مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي الْقَوْلَيْنِ قلت مَعَ ذَلِك لَا يلْزم أَن يخْطر التَّفْصِيل ببالهم فَلم يرتضوا بِهِ ليَكُون قولا بِعَدَمِهِ. (وَلنَا) على الْمُخْتَار وَهُوَ عدم جَوَاز إِحْدَاث الثَّالِث مُطلقًا (لَو جَازَ التَّفْصِيل كَانَ) جَوَازه (مَعَ الْعلم بخطئه) أَي التَّفْصِيل (لِأَنَّهُ) أَي التَّفْصِيل لَا عَن دَلِيل مُمْتَنع فَهُوَ (عَن دَلِيل) وَحِينَئِذٍ (فَإِن اطلعوا) أَي المطلقون (عَلَيْهِ) أَي على ذَلِك الدَّلِيل (وتركوه أَو لم يطلعوا) عَلَيْهِ (حَتَّى تقرر إِجْمَاعهم على خِلَافه) وَهُوَ الاطلاق وَعدم التَّفْصِيل (لزم خَطؤُهُ) أَي ذَلِك الدَّلِيل (إِذْ لَو كَانَ) أَي ذَلِك الدَّلِيل (صَوَابا) لزم أَن المطلقين وهم جَمِيع مجتهدي الْعَصْر السَّابِق (أخطؤا) بترك الْعَمَل بِهِ علموه أَو جهلوه (والتالي) أَي خطؤهم (مُنْتَفٍ) وَإِلَّا يلْزم اجْتِمَاع الْأمة فِي ذَلِك الْعَصْر على الضَّلَالَة (فَلَيْسَ) دَلِيل التَّفْصِيل (صَوَابا) وَإِذا كَانَ دَلِيل التَّفْصِيل خطأ فدليل من يحدث ثَالِثا بِلَا تَفْصِيل كَانَ أولى بالْخَطَأ إِذْ فِي التَّفْصِيل مُوَافقَة لكل من الْقَوْلَيْنِ فِي شَيْء وَقد عرفت (وَالْمَانِع) من أَحْدَاث القَوْل الثَّالِث (لم ينْحَصر فِي الْمُخَالفَة) لما أجمع عَلَيْهِ. لجَوَاز أَن يكون مانعه الْعلم بِأَنَّهُ لَو صَحَّ لزم خطأ الْكل لما عرفت (مَعَ أَنا نعلم أَن الْمُطلق) من الْفَرِيقَيْنِ (يَنْفِي التَّفْصِيل) لِأَنَّهُ يَقُول: الْحق مَا ذهبت إِلَيْهِ لَا غير (فتضمنه) أَي نفي التَّفْصِيل (إِطْلَاقه) أَي الْمُطلق فَيكون بِمَنْزِلَة التَّنْصِيص على نفي التَّفْصِيل من الْكل. (وَأما قَوْلهم) أَي الْأَكْثَرين بِأَنَّهُ لَو جَازَ التَّفْصِيل (يلْزم تخطئة كل فريق) لكَوْنهم لم يفصلوا (فَيلْزم تخطئتهم) أَي الْأمة كلهَا، وَهُوَ غير جَائِز للنَّص على أَنَّهَا لَا تَجْتَمِع على ضَلَالَة، فالتفصيل غير جَائِز (فَدفع بِأَن المنتفى) فِي النَّص (تخطئة الْكل فِيمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ، لَا تخطئة كل) أَي كل فريق من الْكل (فِي غير مَا خطئَ فِيهِ) وَفِي بعض النّسخ فِي غيرما أَخطَأ فِيهِ (الآخر) ولازم التَّفْصِيل من هَذَا الْقَبِيل قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: وَفِيه نظر وَلم يُبينهُ، وَوَجهه الأسنوى وَغَيره بِأَن الْأَدِلَّة المتضمنة لعصمة الْأمة عَن الْخَطَأ شَامِلَة للصورتين. وَقَالَ السُّبْكِيّ: وَهَذَا النّظر لَهُ أصل مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ أَنه هَل يجوز انقسام الْأمة إِلَى شطرين كل شطر مُخطئ فِي مسئلة الْأَكْثَر أَنه لَا يجوز، وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب خِلَافه وَهُوَ مُتَّجه ظَاهر فَإِن الْمَحْذُور حُصُول الْإِجْمَاع مِنْهَا على الْخَطَأ إِذْ لَيْسَ كل فَرد من الْأمة بمعصوم فَإِذا انْفَرد كل وَاحِد بخطأ غير خطأ صَاحبه فَلَا إِجْمَاع انْتهى قلت يرجع هَذَا الْكَلَام إِلَى أَن المُرَاد من الضَّلَالَة فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا تَجْتَمِع أمتِي على الضَّلَالَة " الشخصية إِذْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute