آخر (إِلَّا أَنه) أَي كَون الْجَامِع بِهَذِهِ الصّفة (يخص) الْعِلَل (المستنبطة) من حكم الأَصْل لَا المنصوصة، لَكِن الْأَغْلَب غير المنصوصة، وَلَا يبعد أَن يُقَال: المنصوصية أَيْضا لَهَا نوع فرعية لِأَنَّهُ لَو لم يكن حكم الأَصْل لما نَص الشَّارِع على عليته. (و) الثَّالِث (حكم الأَصْل). (و) الرَّابِع (الْفَرْع) وَهُوَ (الْمحل الْمُشبه) على القَوْل بِأَن الأَصْل هُوَ الْمُشبه بِهِ (أَو حكمه) أَي حكم الْمُشبه على القَوْل بِأَن الأَصْل هُوَ حكم الْمُشبه بِهِ، ثمَّ أَخذ يبين قَول غير الْجُمْهُور، فَقَالَ (وَظَاهر قَول فَخر الْإِسْلَام: وركنه مَا جعل علما على حكم النَّص) مِمَّا اشْتَمَل عَلَيْهِ النَّص (وَجعل الْفَرْع نظيرا لَهُ فِي حكمه بِوُجُودِهِ فِيهِ) إِلَى هُنَا مقول قَوْله وَجعل الْفَرْع، الضَّمِير فِي لَهُ وَحكمه للنَّص، وَفِي بِوُجُودِهِ لما، وَالْبَاء للسَّبَبِيَّة، وَفِي فِيهِ للفرع: يَعْنِي ركن الْقيَاس وَهُوَ الْوَصْف الَّذِي جعل عَلامَة وأمارة على حكم يدل عَلَيْهِ النَّص بِحَيْثُ يَدُور عَلَيْهِ الحكم وجودا وعدما، وَجعل الْفَرْع مماثلا للنَّص الَّذِي هُوَ مَحل الحكم فِي الحكم بِسَبَب وجود ذَلِك الْوَصْف فِي الْفَرْع، وَإِنَّمَا قَالَ علما لِأَن الْمُوجب هُوَ الله تَعَالَى والعلل أَمَارَات، وَوَافَقَهُ القَاضِي أَبُو زيد وشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ وَالْجُمْهُور على أَن الحكم مُضَاف إِلَى الْعلَّة فِي الأَصْل وَالْفرع، ومشايخ الْعرَاق وَأَبُو زيد والسرخسي وفخر الْإِسْلَام على أَنه فِي الْمَنْصُوص مُضَاف إِلَى النَّص. وَفِي الْفَرْع إِلَى الْعلَّة. وَفِي قَوْله مِمَّا اشْتَمَل إِشَارَة إِلَى أَنه يشْتَرط أَن يكون ذَلِك الْوَصْف من الْأَوْصَاف الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا النَّص، (أَنه) أَي ركن الْقيَاس (الْعلَّة الثَّابِتَة فِي المحلين) الأَصْل وَالْفرع، فَقَوله: أَنه إِلَى آخِره خبر الْمُبْتَدَأ، أَعنِي ظَاهر قَول فَخر الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا قَالَ ظَاهر قَوْله نظرا إِلَى الْمُتَبَادر من إِضَافَة الرُّكْن إِلَى الضَّمِير للاستغراق مَعَ احْتِمَال أَن لَا يكون ركن سواهُ، وَالْمرَاد بالركن مَا لَيْسَ بِخَارِج عَنهُ لَا الْجُزْء فَلَا يرد أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يكون للماهية جُزْء وَاحِد للتنافي بَين العينية والجزئية، وَبِمَا ذكرنَا انْدفع أَن كَلَام فَخر الْإِسْلَام صَرِيح فِي الْمَقْصُود لَا ظَاهر، لَكِن بَقِي شَيْء أَن مَا ذكره أَفَادَ ركنية الأَصْل وَالْفرع وَلم يدل على عدم ركنية حكم الأَصْل، وَقد يُقَال كَمَا أَن طرفِي الْمُسَاوَاة خارجان عَنْهَا كَذَلِك مَا فِيهِ الْمُسَاوَاة خَارج عَنْهَا (وَالْمرَاد ثُبُوتهَا) وَالْمرَاد بِالْعِلَّةِ فِي قَوْله أَنه الْعلَّة الثَّابِتَة ثُبُوتهَا فيهمَا لأنفسهما، إِذْ لَا وَجه لجعل الْقيَاس عبارَة عَن الْوَصْف الْجَامِع إِذْ هُوَ مَعَ قطع النّظر عَن ثُبُوته فِي الأَصْل وَالْفرع لَيْسَ من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة فَإِن قلت الدَّلِيل الشَّرْعِيّ مَا يُمكن التَّوَصُّل بِصَحِيح النّظر فِيهِ إِلَى الحكم، وَالْوَصْف هَكَذَا قلت مَا ذكرت موصل بعيد، وَمَا ذكرنَا موصل قريب، وترجيح الْبعيد على الْقَرِيب لَيْسَ من دأب أهل الْعلم، وَلذَلِك اخْتَار الْمُحَقِّقُونَ الْمُسَاوَاة فِي تَعْرِيف الْقيَاس، وَأَرَادَ المُصَنّف إرجاع كَلَام فَخر الْإِسْلَام إِلَى مَا اختاروه، فَقَالَ (وَهُوَ) أَي ثُبُوتهَا فيهمَا (الْمُسَاوَاة) يَعْنِي الْفَرْع وَالْأَصْل فِي الْعلَّة وَالْحكم على سَبِيل الْمُسَامحَة من قبيل تَفْسِير الْمَلْزُوم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute