للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصلّي عند منبره عليه السّلام ركعتين، يقف بحيث يكون عمود المنبر بحذاء منكبه الأيمن، أو حيث تيسّر (١)، فإذا أراد الموضع الذي كان رسول الله عليه السلام يصلي فيه الصلوات بالنّاس يأتي المنبر، وعن يساره تابوتٌ موضوعٌ، فيصلّي خلف التابوت، فذلك مقام رسول الله عليه السلام (٢).

فإذا صلّى ركعتين يقصد الروضةَ على سكينةٍ، ووقارٍ، وفراغ قلبٍ من أمور الدنيا، فيذهب إلى الموضع من وجه القبر، وفي ذلك الموضع رُخامةٌ بيضاءُ مركبةٌ في حائط القبر، فيكون فوق رأسه قنديلٌ كبيرٌ معلّقٌ، فإذا وقف هناك فقد وقف عند وجه رسول الله عليه السلام، ثمّ يقول: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا خاتم النبيين، السلام عليك يا شفيع المذنبين، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، جزاك الله عنّي أفضل ما جزى رسولاً عن أمّته، أشهد أنّك قد بلغت الرسالة، وأدّيت الأمانة، ونصحت الأمة، وأوضحت الحجّة، وجاهدت في سبيل الله حقّ جهاده، وقاتلت على دين الله حتى أتاك اليقين، وصلّى الله على روحك، وجسدك، وقبرك، صلاةً دائمةً قائمةً إلى يوم الدين، يا رسولَ الله: نحن وفدك، وزوّار قبرك، جئناك من بلاد شاسعة، ونواحٍ بعيدة، قاصدين قضاء حقك، والنظر إلى مآثرك، والاستشفاع بك إلى ربنا، فإنّ الخطايا [قد] (٣) قصمت ظهورنا، والأوزار قد أثقلت كواهلنا، وأنت الشّافع، المشفع، الموعود بالشفاعة، والمقام المحمود، وقد قال الله تعالى: {أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤)} (٤)

، وقد جئناك ظالمين لأنفسنا (٥)، مستغفرين لذنوبنا، فاشفع لنا إلى ربّك، واسأله أن يميتنا على سنّتك، وأن يحشرنا في زمرتك، وأن يوردنا حوضك، وأن يسقينا


(١) الظاهر أن مراده تحية المسجد.
(٢) هذا مرتبطٌ بما كان في زمنهم.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) سورة النساء، من الآية ٦٤ ..
(٥) قال ابن عبدالهادي في الصارم المنكي ص ٢٧٥: "ليس في الآية ما يدل على مشروعية إتيان قبره الشريف، ولم يقل ذلك أحد من أهل العلم، ويتبين ذلك بالكلام على الآية وما أريد بها وسيقت له، وما فهمه منها أهل العلم بالتأويل من سلف الأمة وأئمتها، والآية سيقت لذم من تخلف عن المجيء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حال حياته ليستغفر له، وحكم تعالى على من أبى هذا أنه من المنافقين".

<<  <   >  >>